كيف نجح فيلم “Tom & Jerry” في تطبيق قواعد الأوسكار الجديدة وفشل في الإضحاك؟!
فيلم Tom & Jerry هو العمل السينمائي الثاني لأشهر قط وفأر في عالم الرسوم المتحركة، وكان الفيلم الأول من نوعية الأنيميشن، إنتاج عام 1992، وكان بعنوان Tom and Jerry: The Movie وقصته تدور بعد انتقال أصحاب المنزل وبقاء “توم وجيري” وحدهما بالمنزل، ومع بدء هدم هذا المنزل يصبح كلاهما مُشرداً، وتدور مغامراتهما في عالم الشوارع بعيداً عن دفء الحياة داخل المنزل.
الفيلم الحديث المُنتظر من إخراج “تيم ستوري” وعرضته مؤخراً منصة HBO Max بالتزامن مع العرض السينمائي، وتمزج في هذه النسخة بين التصوير الحى والأنيمشن، وتنتقل المغامرات من المنزل الهادىء إلى مدينة نيويورك الصاخبة، التي يحاول سُكانها البحث عن فرصة لكسب لقمة العيش، حتى القط “توم”.
القط والفأر في نيويورك
من أبرز ملامح مغامرات حلقات الرسوم المتحركة “توم وجيري” الكلاسيكية هى أنها تدور على هامش حضور البشر؛ فنحن لا نعرف الكثير عن أصحاب المنزل الذي يقطنه القط كحيوان أليف، والفأر مُتطفلاً مُختبئاً في جحره الصغير، وظهور البشر في تلك الحلقات نادر وقليل للغاية، وحتى الخادمة السمراء الشهيرة لا نرى منها سوى قدميها، ونسمع فقط صوتها الحازم الذي يُخيف القط “توماس”، وكلا من القط والفأر لا يتحدثان إلا في حالات محدودة، وهذا الصمت يعوضه حركتهما وشغبهما الدائم، وأغلب مغامراتهما داخل غرف المنزل، وفي الباحة الخلفية حيث بيت الكلب الشرس سبايك، وفيلم Tom & Jerry قرر أن يُحافظ على صمت القط والفأر، وجعل وجودهما وسط البشر مقبولاً حتى أن مدير الفندق الذي ظهر به يقوم بتعيين “توم” كفرد أمن مهمته التخلص من الفأر “جيري” قبل أسبوع من حفل زفاف مهم.
العالم الذي تدور فيه مغامرات “توم وجيري” في الفيلم أكبر وأكثر إتساعاً من عالم الحلقات التليفزيونية، ورغم ذلك لا يتيح لهما الفيلم مجالاً كبيراً لمغامراتهما التي تدور أحداثها في فندق كبير بنيويورك، وفي تلك المدينة الصاخبة تتعاظم ضآلة “توم وجيري”، وينشغل الفيلم بشخصيات ذات طابع “نيويوركي”، مثل شخصية الفتاة قليلة الخبرة “كايلا-كلوي جريس موريتز”، التي تبحث عن فرصة عمل، وتحتال على مدير الفندق للحصول على وظيفة بشهادة خبرة فتاة أخرى، ومدير مراسم الفندق “تيرانس-مايكل بنا”، وصاحب الفندق الثري، والعروس الهندية “بريتا-يالافي شاردا” التي تُحب البساطة رغم ثراء عائلتها، وعريسها “بن-كولن جوست” المولع بالبذخ إلى حد السفه، وعامل البار الأسمر اللطيف “كاميرون-جوردان بولجر”.
فيلم “بن وبريتا” أم “توم وجيري”؟
وكل تلك الشخصيات بتفاصيلها وعلاقاتها تسحب الكثير من الإنتباه من “توم وجيري” وتنافسهما في الحماقة أحياناً، وبدلاً من محاولة حل الحرب المستمرة بين القط والفأر نجد “توم وجيري” يتحدان من أجل إنقاذ زيجة “بريتا وبن”، وهى الزيجة التي تُمثل محور الفيلم بأكمله، وتجعل مغامرات “توم وجيري” في خلفية الأحداث مُقحمة على القصة الأساسية، وهى قصة “بن وبريتا”.
كثير من تفاصيل حبكة الفيلم تناسب قواعد الأوسكار الجديدة، خاصة ما يتعلق منها بتجسيد الشخصيات ذات التنوع العرقي، ومن المُلاحظ تنوع الأصول العرقية لأبطال الفيلم “مايكل بينا” و”جوردان بولجر” و”بالافي شاردا” و”كين جونج” ومنحها أدوار بارزة في الفيلم، والأمر عادي تماماً لولا أن حبكة الفيلم تتعمد إبراز الأمر وتعميقه؛ فمنذ اللحظات الأولى للقاء “كايلا” و”كاميرون” نلمح تعمد السيناريو رسم علاقة عاطفية بين الموظفة الشقراء والشاب الأسمر، ويتكرر الأمر في حالة العريس الأمريكي وخطيبته الهندية، ومع ظهور الشيف العصبي صيني الاصل “جاكي”، وخادمة الفندق الإسبانية غريبة الأطوار “جوى-باتسي فيران” نجد أن السيناريو صنع توليفة عرقية تحرص على تنميط مسألة تنوع الثقافات الأمريكي، وتشبه توليفة الشروط التي وضعتها أكاديمية العلوم والفنون كشروط لتأهل الأفلام لجائزة الأوسكار.
مغامرات البشر ضد مغامرات الحيوانات
يقتبس الفيلم بعض مواجهات “توم وجيري” من الكرتون الأصلي؛ كنوع من التحية للعمل الأصلي، وصانعيه “ويليام هانا” و”جوزيف باربيرا”، ولكنه يفشل في إضافة لمحات خاصة وأصيلة للفيلم الحديث، وستكتشف مع مرور مشاهد الفيلم أن نسخة السينما لا تُضحك مثل حلقات الكرتون، وأنها تفتقد تلك الروح المرحة والأصيلة لصناعة المشاجرات والمُطاردات المُضحكة بين القط والفأر كما شاهدناها في حلقات الكرتون الكلاسيكية.
لا ننتظر في فيلم بطولة “توم وجيري” أن نُشاهد مغامرات البشر، وفي وجود أشهر قط وفأر في السينما لن نهتم كثيراً بمغامرات فتاة قليلة الخبرة تبحث عن وظيفة، أو مدير مراسم عنيد يفعل أى شىء للحفاظ على منصبه، وصاحب فندق ساذج يُحب التملق، وشاب ثري أحمق وخطيبته التي تشبه الأميرات المتواضعات من الحواديت، والحقيقة أننا لو حذفنا مغامرات القط والفأر من الفيلم سنُشاهد عمل كوميدي رومانسي سطحي بلا روح، ولم تضف مغامرات “توم وجيري” للفيلم الكثير، لأنها لم تكن محور الأحداث الحقيقي، وجاء جهد كاتب السيناريو “كيفن كوستيلو” لخلق حكايات من عالم من البشر حول “توم وجيري” طائشاً، وأبعد الفيلم عن صراع شخصياته الرئيسية الأخف ظلاً، ولم يهتم المخرج “تيم ستوري” بالشخصيات البشرية التي كان حضورها خافتاً وباهتاً، وعلى الجانب الأخر لم يكن الأنيمشن مرحاً، وإفتقدت النكات الرشاقة والإيقاع.
الاولى نيوز-متابعة