كورونا يضرب قلب السلطة الأفغانية
ضرب فيروس كورونا المستجد مؤسسة الرئاسة الأفغانية، حيث أصيب أكثر من 40 موظف بالقصر الرئاسي في العاصمة كابول بالوباء من بين ألف مصاب في البلاد.
خارطة مثيرة للرعب دفعت الرئيس الأفغاني أشرف غني (71 عاما)، إلى جعل معظم تعاملاته مع فريق الاتصالات الرقمية، الذين يجهزون اجتماعاته ولقاءاته الافتراضية عبر شبكة الإنترنت.
وبحسب السلطات الأفغانية، فإن الحالات المصابة بالقصر تعود لموظفين إداريين وسكرتارية ورئيس الأمانة العامة بمجلس الأمن القومي، وقد تأكدت إصاباتهم عقب ظهور نتائج اختباراتهم الأحد، أي بعد أسبوع من أخذ عيناتهم.
وباقتحام الوباء القاتل أسوار القصر الرئاسي، تعززت التدابير الوقائية فيه لحماية الرئيس الذي سبق وأن عانى من مرض السرطان سابقا، وتمكن من الشفاء، دون تقديم أي تصريحات بشأن التقاطه الفيروس من عدمه.
وشوهد الرئيس الأفغاني في حفلات استقبال جرت الأحد، وهو يرتدي كمامة وقفازات ويقف بعيدا عن ضيوفه.
ومساء الثلاثاء، أعلن وحيد الله ميار، المتحدث باسم وزارة الصحة الأفغانية، تسجيل 66 حالة إصابة جديدة بفيروس كورونا خلال الأربع وعشرين ساعة الماضية، ليرتفع بذلك إجمالي الإصابات بالبلاد إلى 1092، بينها 52 حالة في العاصمة كابول.
وبحسب المصدر ذاته، تماثل 15 شخصا للشفاء خلال الأربع وعشرين ساعة الماضية، دون تسجيل أي حالات وفاة جديدة، ليستقر الرقم الأخير عند 36 شخصا، من بينهم 4 أطباء، في بلد يبلغ عدد سكانه 35 مليون نسمة.
لكن مصادر من بعثة الأمم المتحدة السياسية في أفغانستان، والممثلية الأوروبية، وحلف شمال الأطلسي في كابول، أكدت في تصريحات متفرقة نقلها إعلام فرنسي أنه ينبغي التعامل بحذر مع الأرقام الرسمية المعلنة حول الفيروس في أفغانستان.
مرض مخجل
تفتقر البنية التحتية للمنظومة الصحية في أفغانستان إلى الوسائل اللازمة التي تمكن من فهم دقيق للوباء أو إدارة أزمة صحية وطنية.
وتعقيبا على ذلك، قال دبلوماسي غربي إنها “ليست حالة من التستر، لكن ما يحدث فعلا في أفغانستان هو أنه ليست لديه دولة فاعلة”.
وبالإضافة إلى ذلك، ووفقا للفرق الصحية التي دربتها الأمم المتحدة لمكافحة شلل الأطفال في أفغانستان، قبل أن تتحول مؤخرا إلى قوات ميدانية لمكافحة كورونا، فإن الأفغان ينظرون إلى هذا الفيروس على أنه “مرض مخجل”، ما يعقد تتبع انتشاره حيث يخفي الناس أسباب الوفاة الناجمة عنه.
سوء إدارة
وفي حين يبدو من الصعب معرفة حجم الانتشار الحقيقي للوباء في أفغانستان، فإنه من السهل تقييم العواقب الاقتصادية والاجتماعية لتدابير الحجر الصحي وإغلاق الحدود.
إجراءات أثرت بشكل كبير على التجارة والحياة اليومية في بلد يعيش فيه نحو 80% من السكان تحت مستوى الفقر الذي حددته الأمم المتحدة، كما أن معدل البطالة المقدر بين 2.5 و3%، ازداد سوءا.
فهذا البلد المثقل بالهجمات الإرهابية لمسلحي حركة “طالبان”، يعاني حاليا من نقص حاد في المواد الغذائية والدوائية، فيما يؤكد مسؤولو الصحة المحلية أن عدد الحالات المصابة بالوباء أعلى بكثير من تلك التي كشفت عنها التقارير الرسمية، وذلك يرجع إلى عدم وجود مرافق صحية كافية.
في الأثناء، حذرت وزارة الصحة من أنه في حال عدم اتخاذ الإجراءات الوقائية بجدية أكبر، فإن البلاد ستواجه كارثة بإصابة الملايين من سكانه في الأيام المقبلة.
كما تفجرت الانتقادات الشعبية متهمة الحكومة بسوء إدارة أزمة الفيروس، خصوصا عقب توزيع السلطات مؤخرا لكمية لم تتجاوز 4.4 كيلوجرام من القمح لكل أسرة محتاجة في كابول.
وانتشر العديد من مقاطع الفيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، التي أظهرت استياء شعبيا من الكمية الضئيلة التي تم توزيعها على الأسر المحتاجة.
صراع على السلطة
وباء وبنية صحية مهترئة وحكومة عاجزة، نفس ملامح المشهد الأفغاني التي لم تتغير من عقود، تماما مثلما يستمر الصراع على السلطة رغم أن الفيروس قلب أولويات العالم بأسره، وأخمد معظم الصراعات، وجعل من مجابهته أولوية قصوى لجميع حكومات الدول المتضررة.
لكن في أفغانستان، تمضي الحرب سواء على الأرض أو في السياسة عكس بوصلة العالم، حيث لم ينخفض مستوى العنف في البلاد، وسط تصعيد متواصل بين طرفي الصراع الحكومة الأفغانية وحركة “طالبان”، فيما يتواصل سقوط القتلى يوميا، وتتواتر الكمائن والمعارك بشكل يصفه مراقبون بالأسوأ في الفترة الأخيرة.
متابعة / الأولى نيوز