كورونا هل يوقف المظاهرات ؟؟
الكاتب : مهدي قاسم
بعد تشكّل ونضوج العصر التنويري الغربي وما تبع ذلك من عملية تحرير آليات الدولة وإدارتها المدنية من سطوة الكنيسة ، أصبحت قيمة الإنسان ــ الفرد هي التي تكتسب الأولوية والصدارة ليس في الوعي العام فقط إنما في تصورات الدولة وتعاملها مع أفراد المجتمع ، انطلاقا من مواد الدستور الجديد التي تضمنت مجموعة حقوق ركزت بالدرجة على هذه القيمة الإنسانية من حيث كونها أغلى و أثمن قيمة و فوق أي شيء آخر ما عداه ، ولا يمكن الإفراط بها برخص و مجانية ، مهما كانت الظروف و الأحوال الاستثنائية ..
ربما قد يكون ما قلناه ــ أعلاه ــ معروفا ومدركا لكثير من السادة القراء ، إلإ إنه لا يضر تكراره وإعادة قوله بين حين و آخر ، بعدما وجدنا كم أصبحت حياة الفرد العراقي دون قيمة تذكر ، وتُكاد تكون بمرتبة قيمة حياة ذباب وبعوض ، بسبب سهولة القتل لأبسط و اتفه أمور لا تستدعي حتى ولا صفعة تإديبية ناهيك عن ( جرة إذن مقتدائية إجرامية التي انتهت بارتكاب مجازر مروّعة في كل من بغداد والنجف والناصرية و كربلاء ) ، و هنا دون التطرق إلى نزاعات عشائرية بين وقت و آخر و مرارا بسبب صخلة أو خروف أو عركة أطفال !!، وما يسفر عن ذلك من مواجهات حامية الوطيس و الضجيج ، و سقوط عديد من قتلى و جرحى ، و لا عن 800 متظاهر شهيد قُتلوا لأنهم تظاهروا مطالبين بالخبز والعمل والخدمات الإصلاحات الحقيقية من قبل أطراف شبحية مجهولة لا يعرفها غير الحكومة الكسيحة والمتواطئة ، فكل هذه الأمور باتت معروفة لكل بعيد وقريب ، إنما ما أردنا تأكيده ، هو الانتشار البطيء لفيروس كورونا في العراق وفي مقابل ذلك ضعف إجراءات الحكومة الوقائية واستعدادتها الميدانية الطبية والعلاجية الجيدة البائسة ، والتوقعات المؤسفة والمبنية على احتمال انتشار هذا الوباء على لا نطاق واسع في العراق و على غرار انتشاره الراهن في إيران .
لهذا و انطلاقا من كل هذا يجب وقف التظاهرات مؤقتا ، و ذلك حفاظا على حياة الشباب والفتيان المتظاهرين الذين باتت حياتهم ثمينة وغالية بالفعل عند أغلبية الشعب العراقي لما يحملونه من روح تضحية وطنية عالية ووعي عصري و مدني متحضر بالتغيير و الإصلاح ..
علما أن أسوأ و أخطر ما يتسم فيه هذا الوباء وانتشاره السريع عبيراحتكاك بين حشود وتجمعات بشرية سواء كبيرة أو صغيرة .