كورونا … جائحة أم كارثة، أم هي الحرب العالمية الثالثة
ضرغام الدباغ
اذا اعتبرنا أن الانطلاقة الحقيقية لكورونا هي الشهر الأول كانون الثاني ــ يناير / 2020، فذلك يعني أن نقيم حساباتنا على الأشهر والسنوات. فلدينا المعطيات الدقيقة للحرب العالمية الأولى التي استغرقت 4 سنوات (1914 ــ 1918) والحرب العالمية الثانية التي استغرقت 6 سنوات (1939 ــ 1945) .في تشخيص هوية كورونا، هناك الكثير من التقييمات التي لم تحسم بعد، فهناك من يعتبرها جائحة (وباء) نجمت عن سوء تصرف البشر مع الطبيعة، وهناك رأي أكثر انتشاراً، أنه فيروس صنع في مختبر وأفلت من السيطرة، وهناك من يعتبر أنها حرب جرثومية بين القوى العظمى، وهناك من ينكر كل مزاعم السلطات الحكومية، ويتحدثون عن تخطيط لإبادة نسبة معينة من البشر. ولكل من هذه الاتجاهات في الرأي والتحليل سياسيون، وأشخاص من قاع المجتمع ومن ذروته، بل وحتى أطباء وعلماء. وبتقديري سيستغرق وقتاً غير قصير لنكتشف حقيقة هذه الكارثة البيئية، التي تقترب أرقامها من الطاعون الذي أنتشر في القرن الرابع عشر (1347 ــ 1353)، وأودى بحياة ما يقرب من 30 مليونً من البشر. وتذهب بعض التقديرات إلى أن الطاعون أودى بحياة 70 مليون أو 100 مليون ضحية. وإذا كان من الصعوبة بمكان، أن نطرح أرقاماً دقيقة لحوادث في القرن الرابع عشر، فإن لدينا من المعطيات المادية ما تجعلنا نقدر أن الحكومات، تتردد في إعطاء الأرقام الدقيقة للإصابات لأسباب كثيرة، أبسطها هي لعدم إثارة المزيد من الرعب في نفوس المواطنين. وربما لاعتبارات قد لا تخطر على بال المستمعين.وهناك مصدر عالمي يبث على مدار الساعة تطورات حجم المصابين، أو الوفيات في العالم بأسره، ولكن المصدر يعتمد في بياناته على بيانات الدول، وقد لا تتعمد السلطات الحكومية في الدول إخفاء الإحصاءات الدقيقة، ولكن بسبب الإهمال، وسوء أداء أجهزة الإحصاء.فإحصائية اليوم 7 / أيار: عدد المصابين (18,512,547) ، الوفيات هي ( 3,271,664)، الزيادة اليومية بنسبة (2,09%)، عدد من جرى تطعيمهم في العالم (487,82909 ). سكان العالم يبلغ تعداده نحو 9 مليار نسمة …! وبين يدينا تقرير موثوق وحديث (7 / أيار / 2021)، من وكالة الأنباء الألمانية (DW) يشير بصراحة ووضوح، إلى عدم صحة البيانات الحكومية الأمريكية، وكذلك البيانات العالمية، وتأسيساً على تقديرات أمريكية فإن العدد (الحقيقي) لضحايا كوفيد 19 في الولايات المتحدة هو (905,000) شخص، أي بزيادة قدرها 57% عن الأرقام الرسمية المعلنة (580,000). وهذا هو أعلى رقم (لحد الآن) للضحايا من بلد واحد، ويعتقد أن الهند تقترب من هذا الرقم والتصاعد هو اليوم بنسبة 12%. وقدرت الدراسة الأمريكية أن الرقم العالمي يقترب من 7 مليون قتيل لحد هذا الوقت (أيار / 2021).وفي مقارنة سريعة مع أرقام ضحايا الحرب العالمية الأولى فأنها تفوقها في أعداد الضحايا بحسب مرحلة الوباء الحالية: فالولايات المتحدة لم تخسر سوى ( 126,000 ألف قتيل)، أما مجموع الخسائر البشرية للحرب العالمية الأولى كانت (8,538,315)، وبهذا المعنى فإن خسائر الولايات المتحدة في كورونا تفوق خسائرها في الحرب العالمية الأولى، ومجموع الخسائر العالمية في كورونا (لحد الساعة) يعادل أو يتفوق على الخسائر في الحرب العالمية الأولى.أما في الحرب العالمية الثانية، فلم تتجاوز خسائر الولايات المتحدة (300 ألف قتيل)، يلاحظ أنها تقريباً نصف خسائرها في كورونا لحد الآن بعد أقل من سنة ونصف ….! وهكذا معظم خسائر الدول الرأسمالية المتقدمة : بريطانيا، فرنسا، إيطاليا بلجيكا، كندا، هولندة .أما الخسائر الاقتصادية فهي لا تقل وطأة على الخسائر البشرية، فنفقات العلاج والمؤسسات الطبية، والأجهزة العاملة، هذا عدا ما كلفه الحجر ومنع التجوال، وإغلاق المحال التجارية والمطاعم والفنادق، والشركات والمؤسسات السياحية وشركات الطيران، فالخسائر فلكية، وإذا كانت الدول الرأسمالية الكبيرة، بوسعها تحمل (جزئي) للكارثة، فالأمر يفوق قدرة الكثير من الدول بل هي اليوم تنوء تحت صعوبة احتمال النتائج، صعوبة ربما تصل اليوم، أو في المستقبل إلى العجز عن احتمال الآثار المباشرة وغير المباشرة.في خضم هذه الكارثة المؤلمة، تجد من يتعامل مع الأزمة سياسياً، ومالياً، ويهدف لإحراز المواقع وتحقيق الأهداف الغير معلنة، أو مساعي للربح والكسب المالي من خلال بيع تجارة العلاج والتطعيم …!!! وقد بلغ الأمر درجة النزاع والجدال … وهناك من يروج أن نصنع أدوية وتطعيم زهيد للدول (الفقيرة) … وعلى الشعوب أن تفهم هذا بكامل أبعاده … واليوم ليس يوم نزاعات ستبدو كلها سخيفة أمام الوباء الأسود الذي يلتهم رئة المصاب، ويخنقه ثانية بعد ثانية ….أيها الناس فكروا بعمق …..!