كم تكلف عطسة ترامب؟
سلام مسافر
بح صوت محافظ موسكو؛ وهو يحذر كبار السن من مغبة الاستهانة بالأجراءات الاحترازية في مواجهة كورنا.لكن قلة، ربما،تستمع لتحذيرات سيرغي سابيانين.بينما الغالبية تنتمي الى حزب ترامب الذي يضرب بعرض الحائط، كل ما يقال عن الفايروس الخبيث، الذي تسلل الى البيت الابيض واقتحم مضجع الرئيس الأميركي، وميلانا ترامب، شريكة حياته في السراء والضراء والوباء.
استهان ترامب بكوفيد حتى اللحظة الاخيرة، حين سخر من نائبه مايك بنس، وسخر من ارتدائه الكمامة.
وتباهى الرئيس امام الناخبين، بوجه مفتوح، خال من “الحجاب” الالزامي المفروض على البشرية من كائنات متناهية في الصغر، قتلت الى الان ما يزيد على المليون إنسان في مختلف دول العالم، غالبيتهم في الدولة الاعظم، الولايات المتحدة الأميركية.ولم يكن واضحا، لماذا يستهين ترامب بالجائحة؛ فيما يستثمر منافسه بايدن ملف تفشي الفايروس، معولا أساسيًا في حملته الانتخابية.ويتهم غريمه بإهمال اجراءات المكافحة، ويكاد يحمله مسؤولية الوفيات الكبيرة في صفوف مواطني الولايات المتحدة.بعد دقائق، من اعلان ترامب نبأ اصابته بالفايروس؛ تراجعت البورصة، وترك المحللون واستطرادا الصحفيون ، أسرتهم الدافئة، وتقافزوا في شاشات التلفزيون، يرسمون شتى السيناريوهات لغياب، قد يكون قصيرا او طويلا، لبطل السياسة دونالد ترامب من الشاشة العالمية، وكأن البيت الابيض، وحده، يقود العالم بلا منازع.الملفت، ان “أبو ايفانكا”، في اخر ظهور له، قبل ساعتين من إعلان نبأ العدوى، بدا حيويا، وقحا، صاخبا، كعادته الامر الذي ادى الى ابتعاد بعض المحللين للحديث، عن الاثار السياسيّة لمرض ترامب؛ الى الطبيعة البايولوجية لكوفيد، الذي يمهل ويهمل ايضا.بمعنى انه يصيب، ولا يقتل، وان ترامب يحمل الفايروس، ولكنه معافى!
معادلة، لا تبتعد كثيرا عن تعقيدات الحملة الانتخابية الاميركية، الأعنف في تاريخ البلاد المعاصر.فقد وظف الديمقراطيون كوفيد في حملتهم الانتخابية، منددين باهمال ترامب للجائحة، بينما عزف الرئيس على وتر ان خصومه يسعون لاغلاق البلاد، وتدمير الاقتصاد وسبي العباد.وتفاخر بانه حقق معدلات في النمو الاقتصادي للولايات المتحدة لم يصلها الديمقراطيون على مدى عقود.والى الان فان ترامب يتمتع بوضع صحي يؤهله لإدارة البلاد، لكن من غير المعروف ما اذا كان كوفيد سيبقى رحيما معه.عندها ستبرز مشكلة من يتولى الإدارة في حال ظهر ان نائبه بنس وصلته العدوى ايضا.ووفقا لدستور الولايات المتحدة فان رئيس مجلس النواب يتولى القيادة في حال عجز الرئيس ونائبه عن القيام بمهامهما.واذا وقع المحذور، وتوغل كوفيد في جسد ترامب، ولحق به نائبه بنس، فان القيادة ستذهب، الى العدو اللدود لترامب نانسي بيلوسي، زعيمة الديمقراطيين ، الرئيسة الحالية لمجلس النواب.
لن تغير بيلوسي التي لا تنسى ربما، إهانة ترامب بعدم مصافحتها بعد القاء خطاب الامة مطلع العام، السياسة الاميركية.كأمرأة، عبرت نانسي عن الغضب بتمزيق نص الخطاب، أمام الكاميرات. ولولا الحياء لضربته، ربما بكعبها!لكنها في شتى الاحوال، لن تنتقم بتغيير سياسة واشنطن الخارجية، او الداخلية في فترة زمنية قصيرة حتى لو أمتدت، مع وطأة كوفيد على ترامب.وهكذا فاذا عطس البيت الأبيض ، اصيب العالم بالإنفلونزا !هذه المرة،فان المقولة الشائعة، تحمل قدرا كبيرا من الصحة، فقد ظهر ان إصابة ترامب بكوفيد اللعين، قد تغير طائفة واسعة من الملفات الداخلية والخارجية.ربما ستؤدي الى تأجيل الأنتخابات الأميركية وما يترتب على ذلك من تبعات، ستهز مؤسسة الحكم، المثقلة أصلا بأزمات فجرتها الجائحة.وخارجيا، ستؤثر على خطط ترامب الدولية والاقليمية. وربما ستلجم اندفاعاته المتهورة، في الشرق الأوسط، خاصة إزاء إيران وحليفاتها في المنطقة ولو مؤقتا.