كائنات) ليست (فضائية
فاتح عبد السلام
أثار تعبير الاجسام الطائرة الغامضة هلعاً لدى الناس في الولايات المتحدة وكندا، وربّما تمتد هواجس الخوف والتساؤل الى دول كبرى أخرى. اعتراف الصين بأنّ الجسم الطائر هو منطاد للعلوم والأبحاث وانه عائد لها ودخل بالخطأ في الأجواء الامريكية قبل اسقاطه في البحر لم يبدد المخاوف والشكوك، بل أنعش نظريات المؤامرة وسيناريوهات الحرب الباردة المثيرة التي طواها القرن الماضي بين السوفييت والامريكان. فالجسم الذي عرفنا انه منطاد تبعه جسمان آخران بعد يومين لم يكشف عن انهما منطادان حتى الان، وتبرأت الصين منهما، بل زادت على ذلك باتهام الولايات المتحدة بإطلاق تلك الاجسام الغريبة. ولا يبدو انّ هذا المسلسل “الاستخباري” الجديد قابل للانتهاء نهايات سعيدة، فالأجسام باتت أهدافاً عسكرية في نظر الدول، وانّ قصفها وتفجيرها كلّما كان السبيل اليها متاحاً هو ما يمكن أن يتكرر بين يوم وآخر.علامات الحرب الباردة الخجولة تظهر شيئاً فشيئاً بين الصين والولايات المتحدة، لكن روسيا لها سياقات أخرى في الصراع مع الغرب وواشنطن، وذلك من خلال الحرب “ذات الوكالة” التي تمثلها أوكرانيا كجبهة فعلية متقدمة.في بريطانيا وفي دول أوربية أخرى كانت تدور في السنوات القليلة الماضية قصص ومرويات لشهود عيان يتحدثون عن رؤية أجسام طائرة تهبط خلف تلال أو في بحيرات أو تظهر وتختفي في الليل. وفي سجلات وكالة الاستخبارات الامريكية التي أميطَ اللثام عنها بعد مرور خمسين عاماً، كانت هناك عمليات تحقيق كثيرة حول الاجسام الغامضة في السماء والاشارات اللاسلكية والذبذبات الغريبة التي تلتقطها طائرات ومركبات فضاء ورادارات من دون أن يكون لها تفسير واضح، وتحيل الى جملة من التكهنات التي تزيد الغموض ريبة.الجديد هذه المرة، انّ الولايات المتحدة سارعت الى نفي أن تكون الاجسام المخترقة أجواءها وأجواء حلفائها عائدة لكائنات فضائية، كان يقال انّ أبحاثاً في الاستخبارات الامريكية منذ ستينيات القرن العشرين كانت تريد إيجاد طريقة لفك شفرات لغة غامضة تستقبلها من الفضاء، ثمّ جرى تجاوز الكلام عن ذلك بعد أن أصبح هناك “محطة فضاء دولية” تدور حول الأرض على مدار الساعة واقمار صناعية ذات دقة تكنولوجية عالية، وهي الوسائل التي لم تكن متوافرة للدول الكبرى يوم كان الكلام عن الفضاء مجرد تكهنات قبل أن يهبط أول انسان على القمر في نهاية الستينات من القرن الماضي.ويبقى السؤال المشروع، ما وضع الدول المتصارعة على كوكبنا، اذا علمت انّ هناك كائنات فضائية تحلل من جهتها إشارات تصدر عن الأرض التي خربها البشر بالانفجارات والتلوث؟ هل ستتحد الأرض لمواجهة تحديات كواكب أخرى ام ستظل غارقة بحروبها؟.