قَسَم الموازنة..لمَن؟ وعلى ماذا؟
فاتح عبد السلام
موارد العراق مستقرة، وهي أحادية نفطية في أغلبها، وذات تدفق مالي عال منذ أكثر من عام بسبب صعود أسعار النفط، فلِمَ يعيش البلد اليوم، كما في كل عام، أزمة وهمية غامضة، اسمها إقرار الموازنة العامة؟ كل شيء معلوم وواضح لكنه يحتاج في الأساس الى أمرين مهمين أكبر من إقرار الموازنة ذاتها وتوزيعها على القطاعات الحكومية والاقليم، وهما:
أولاً: استحداث آلية حماية الموازنة الجديدة من الفساد، فقد أكل الفسادُ قلبَ الموازنات السابقة، بالرغم من الشعارات الحكومية والبرلمانية محكمة الصياغات اللفظية التي اتخذوها ستاراً وثيراً وغطاءاً دافئاً لتزوير الحقائق ومرور الصفقات وبيع وشراء الحقوق الوطنية للشعب.
نريد أن نعرف ما هو الجديد المختلف الذي يمكن أن يطمئن اليه العراقي وهو يشهد إطلاق الموازنة المالية الجديدة؟ هذا سؤال سياسي قبل أن يكون اقتصادياً، كما انه سؤال الانتماء الى القَسَم الحكومي أو البرلماني الذي كان مفتتح اعتلاء المناصب.
أمّا الأمر الثاني فهو مراقبة وتمحيص وتدقيق واشهار امام الشعب لجميع المشاريع التي أدرجتها كل وزارة في برنامجها الذي ستغطيه الموازنة الجديدة، ويكون ذلك بالتزامن مع فتح ملف المشاريع التي غطّتها الموازنة في الدورة السابقة والتأكد من سلامة سير الصرف عليها بما يتناسب فعلياً مع صحة نسبة الإنجاز
. كما ينبغي التأكد من عدم تغطية الموازنة الجديدة لمشاريع متلكئة سابقة إلا بعد كشف الخلل وأسبابه، والعودة به الى جهات رقابية مشتركة وليست أحادية كأن تكون برلمانية فقط، فذلك باب من أبواب الفساد، وقد رأينا رئيس المالية البرلمانية كان اول المتهمين بسرقة المال العام قبل أيام، فكيف كان حال المشاريع التي مرت من تحت يديه في خلال دورة أمدها أربع سنوات إذن؟هل نحتاج الى استحداث قَسَم جديد اسمه قَسَم الموازنة، مثل قَسم البرلمانيين والوزراء؟ وهل هذا هو الحل المجدي والأخير لحماية الموازنة المهددة ان تطعن من كل الجبهات قبل ان ترى النور؟
ويا ترى لو جرى إقرار اليمين الدستورية على الموازنة ، فمَن سيكون المشمول بها ؟ وهل سيتم القَسم على نفس النسخة الشريفة من القرآن الكريم التي أقسمت اليمين عليها الحكومات والدورات البرلمانية السابقة ثمّ نكثوا جميعاً بالقَسم من دون أن يرمش لأحد بينهم جفن واحد؟