“قلب تونس” ينشطر.. ماذا وراء استقالة 11 نائبا من الحزب؟
أعلن 11 نائبا عن حزب “قلب تونس” استقالاتهم من الكتلة والحزب، في خطوة غير مسبوقة من شأنها أن تعصف بالمستقبل السياسي لحزب رجل الأعمال ومرشح الرئاسة السابق نبيل القروي وصاحب التمثيل النيابي الثاني في البرلمان بـ38 مقعدا.
وشملت الاستقالات بحسب القائمة الاسمية للنواب الموقعين والموجهة لمكتب المجلس قيادات وازنة داخل الحزب مثل رئيس الكتلة حاتم المليكي، ورضا شرف الدين نائب رئيس الحزب وتسعة نواب آخرين.
وأرجعت النائبة المستقيلة من “قلب تونس” أميرة شرف الدين أسباب الاستقالة “لغياب الديمقراطية داخل الحزب، وانفراد رئيسه بأخذ القرارات دون التشاور مع باقي القيادات”، مؤكدة في تصريح للجزيرة نت أن قرار الاستقالة نهائي ولا رجعة فيه.
واعتبرت أن الحزب لا يزال عاجزا حتى اللحظة عن تحديد هويته السياسية وطبيعة الخيارات التي يتجه لها رغم إعلان تموقعه رسميا في المعارضة.
ونددت النائبة المستقيلة بما سمتها ضغوطات تمارس على النواب المستقيلين لإثنائهم عن قرارهم، والتي وصلت -وفق تأكيدها- لاختراق صفحتها على فيسبوك ونشر تدوينة مزورة تتحدث عن تراجعها عن قرار الاستقالة.
وسبق أن انتقد رئيس الكتلة المستقيل حاتم المليكي غياب الحوكمة والتسيير داخل “قلب تونس”، لافتا إلى “أن استقالتهم تأتي على خلفية رفضهم المواقف السياسية لحزب قلب تونس من الحكومة ورئاسة الجمهورية وعلاقته بالأطراف السياسية الأخرى”.
ولم يستبعد المليكي في تصريحات إعلامية محلية إمكانية تشكيل كتلة جديدة في البرلمان مكونة من النواب المستقيلين.
وأعلن “قلب تونس” تموقعه الرسمي كحزب معارض، كما لم يمنح نوابه الثقة لحكومة إلياس الفخفاخ خلال الجلسة العامة للتصويت على الحكومة الجديدة في البرلمان، بعد تمسك الفخفاخ ومن ورائه رئيس الجمهورية قيس سعيد بعدم مشاركة قلب تونس في الحكومة الجديدة.
وكشفت استطلاعات للرأي نشرت أمس الثلاثاء عن تراجع حزب قلب تونس في نوايا التصويت للانتخابات التشريعية من المرتبة الثانية إلى الثالثة بـ11.4%، بعد حزب “الدستوري الحر” 22%، وحركة النهضة التي حافظت على المرتبة الأولى بـ24.3%.
كما تراجع رئيس الحزب نبيل القروي في نوايا التصويت للانتخابات الرئاسية للمرتبة الثالثة، بعد أن كان يتصدر المرتبة الثانية في الانتخابات الرئاسية الماضية أمام خصمه المباشر قيس سعيد، في حين حلت مكانه رئيسة الحزب الدستوري الحر سليل النظام السابق عبير موسى.
استقالات متوقعة
واعتبر المتحدث باسم قلب تونس الصادق جبنون أن الحزب يتعامل حتى اللحظة مع هذه الاستقالات بشكل غير رسمي، مؤكدا للجزيرة نت أن باب الحوار لإثناء النواب عن قرارهم لا يزال مفتوحا.
ولفت إلى أن مثل هذه الاستقالات والتصدعات داخل الكتل البرلمانية أمر متوقع ومطروح داخل الأحزاب بالنظر لهشاشة المشهد السياسي والمنظومة الحزبية غير المتكاملة في البلاد، وفق تقديره.
وبخصوص الاتهامات الموجة لرئيس الحزب بالتفرد بالقرار، اعتبر جبنون أن الخلافات الداخلية بشأن آليات تسيير الحزب وغياب الديمقراطية داخله مطروحة في جميع الكيانات الحزبية ولا تستثني قلب تونس، لكن يجب ألا تصل للخصومات والانشقاقات.
وحذر جبنون في ختام حديثه من التشرذم في قلب تونس أو في أي حزب آخر، وتداعياته على المشهد السياسي برمته، في ظل وضع محلي وإقليمي غير مستقر.
أحزاب هشة
ويرى الإعلامي والمحلل السياسي عبد السلام الزبيدي أن طبيعة الأحزاب التي ظهرت بعد الثورة -والتي كان رهانها الأساسي الفوز في الانتخابات التشريعية رغم حجم الاختلافات بين مكوناتها وغياب هوية سياسية أو فكرية تجمعها- تجعلها أحزابا هشة سريعة التآكل والاضمحلال كما حدث مع نداء تونس.
وأوضح الزبيدي في حديثه للجزيرة نت أن موجة الاستقالات التي ضربت قلب تونس متوقعة بالنظر للاختلافات الواسعة بين قياداته -فريق القروي وفريق رضا شرف الدين- سواء في العلاقة بمن يقود الحزب داخليا أو التموقع في المشهد السياسي بين أحزاب السلطة أو في المعارضة.
ورجح أن تكون الوضعية القانونية الغامضة لرئيس الحزب نبيل القروي الملاحق في قضايا فساد وغسيل أموال لم يتم البت فيها نهائيا حتى اللحظة -والتي جعلته غير مرغوب فيه، سواء من رئاسة الجمهورية والحكومة- عجلت بدورها في إعلان هذه الاستقالات.
ولم يستبعد في ختام حديثه أن يكون المستفيد الأكبر من انفراط عقد “قلب تونس” رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ، حيث تمثل كتلة القروي التي تتموقع في المعارضة أكبر خصم له، سواء على مستوى تمرير المشاريع أو سيناريوهات لسحب الثقة من حكومته تحت عباءة الدستور.
متابعة / وكالة الأولى نيوز