قانون العقوبات العراقي وضرورة التعديل
حسين المولى
من منطلق مواكبة التطورات العالمية المتسارعة يجب أن تتسارع وتيرة القواعد القانونية لتواكب هذا الانطلاق، والجدير بالذكر أن القانون الجنائي يحظى بأهمية خاصة لارتباطه الوثيق بين مختلف شرائح المجتمع والعقاب المفروض بنصوص يمس الحياة بصورة مباشرة ويؤثر في الحياة الخاصة بعقوبات سالبة للحرية أو مقيدة لها، لذلك شرعت الكثير من الدول بين مدة وأخرى في سبيل ملائمة نصوص القوانين مع التطورات الحديثة، وفي محور حديثنا عن القانون العراقي فقد شرع قانون العقوبات المرقم 111 في سنة 1969 وعدل في مرات عديدة ففي إحدى التعديلات التي رافقت حياة القانون في عام 2009 بتعديل المادة 243 وقد شمل التعديل في هذه المادة فقرة العقوبة، فبات النص الخاص بالإخبار الكاذب بكل من أخبر كذبًا إحدى السلطات القضائية أو الإدارية عن جريمة يعلم أنها لم تقع أو أخبر إحدى السلطات المذكورة بسوء نية بارتكاب شخص جريمة مع علمه بكذب أخباره أو اختلق أدلة مادية على ارتكاب شخص ما جريمة خلاف الواقع أو تسبب باتخاذ إجراءات قانونية ضد شخص، يعلم براءته وكل من أخبر السلطات المُختصة بأمور يعلم أنها كاذبة عن جريمة وقعت: يُعاقب بالحد الأقصى لعقوبة الجريمة التي أتهم بها المُخبر عنه إذا ثبت كذب أخباره وفي كل الأحوال ألا تزيد العقوبة بالسجن عشر سنوات، وفي تعديل آخر هو تعديل الغرامات الواردة في القانون في عام 2010 وقد نشر هذا التعديل بقانون رقم 6 لسنة 2010 في الجريدة الرسمية -الوقائع العراقية-، ما يهمنا في ذلك هو أن كثرة التعديلات التي رافقت قانون العقوبات العراقي لم تكن بمستوى الطموح في مواكبتها وخاصة في هذه السنين التي تتميز بدخول التقنية مجلات الحياة كافة، فصار من اللازم أن يواكب التشريع هذا التطور اَلتِّقْنِيّ منها الجرائم المعلوماتية وجرائم الخصوصية لأن قانون العقوبات العراقي يحكمه مبدأ لا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون ينص على تجريمه وقت اقترافه، وبهذا لا يمكن تجريم فعل دون وجود نص صريح لتجريمه، ومن النقاط المهمة التي يجب أن يعيرها المشروع بأهمية قصوى هو تعديل القانون ليواجه جرائم مثل جريمة التنمر الإلكتروني التي باتت تؤثر في المجتمع والسير على خطى المشرع المصري في نصه صراحة بقانون 189 لسنة 2020 بتجريم التنمر، وكذلك ما موجود حاليا في مجلس النواب في سبيل تشريع نص جديد يضاف لقانون العقوبات بتغليظ عقوبات التحرش الجنسي، فقد وافقت اللجنة التشريعية بمجلس النواب خلال اجتماعها نِهَائِيًّا على مشروع قانون بتعديل قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937والخاصة بالتعرض للغير والتحرش الجنسي، حيث تقضي التعديلات بتشديد عقوبة التعرض للغير المنصوص عليها بالمادة 306 مكرر ب، وتحويلها إلى جناية بدلًا من جنحة نظرًا لخطورتها الشديدة على المجتمع وانعكاساتها النفسية على المجني عليه، القانون الجديد يعاقب المتحرش بمدة لا تقل عن 5 سنين و200 ألف جنيه غرامة، لذلك صار من اللازم أن يسارع المشرع العراقي في تنظيم قانون جديد معدل يواكب التطور التقني الذي أصبح وأقع حال، كما يجب أن تتضمن التعديلات الجديدة أيضًا التحديات المستقبلية التي تواجه العالم في الأمن السيبراني.