في ذكرى رحيله.. هكذا توقع أحمد الجلبي مستقبل العراق المالي وأمد أزمة الرواتب
تمر يوم غد الذكرى السنوية السادسة على وفاة، السياسي العراقي المعروف، الدكتور أحمد الجلبي، الذي توفي عن عمر يناهز 71 عاماً، صباح يوم 3 تشرين الثاني 2015، في منزله بمنطقة الكاظمية في العاصمة بغداد، بسبب “سكتة قلبية”.
يعتبر الجلبي أحد الأقطاب الرئيسة التي لعبت دوراً كبيراً في إسـقاط النظام السابق، وينظر إليه بأنه السياسي العراقي المفضل لدى الولايات المتحدة لقيادة العراق بعد تغيير نظام صدام حسين، لكن علاقته مع الإدارة الأميركية ساءت في خضم ظروف الاحتلال والتنافس على السلطة الذي أعقب الاطاحة بالنظام.
وعلى الرغم من رؤية الجلبي الإصلاحية وشهادته في الدكتوراه بالرياضيات من الجامعات الأميركية، وتردد اسمه مرات عدة لتولي رئاسة الحكومة، لم يحظ باتفاق القوى السياسية والأطراف المعنية المتصدرة للمشهد في البلاد، كما أنه لم يتولى مناصب عليا في الدولة، الأمر الذي دفعه إلى الدعوة والمطالبة بضرورة الإصلاح الاقتصادي في البلاد.
وتحدث الجلبي خلال ندوة يوم 22 كانون الثاني 2014 تناولت ملفات الأمن والفساد والخدمات وملف الإسكان.
وأشار الجلبي في الندوة التي ترأسها إلى أن الفساد المالي في العراق وصل إلى مراحل اسطورية، بحسب تعبيره، فيما بين أن الفساد الذي يحصل في العراق “لم يحدث في كل العالم”.
وذكر الجلبي في معرض حديثه عن الفساد المالي، أن العجر في الشركة العامة لتجارة المواد الغذائية، وبحسب ديوان الرقابة المالية، بلغ نهاية 2010 في الشركة بمفردها كان 2 ترليون و628 مليار دولار، ما يعادل مليارين وربع دولار، أي ما يكفي لبناء 2000 مدرسة وما يكفي لبناء 50 ألف بيت.
وتابع أن الأرقام الكبيرة من العجز دفعتها لتعب الملف، حتى اتضح أن وزارة التجارة اشترت عام 2008، مليون و286 ألف طن من زيت الطعام، بينما كانت حاجة العراق لزيت الطعام في تلك السنة كانت 473 ألف طن فقط.
وأشار الجلبي في تلك الندوة إلى أن كمية الفساد في شركة واحدة بوزارة واحدة، يؤكد أن الفساد ينخر في مستقبل الشعب العراقي، مبينا أن الاعتقاد بأن جريان النفط، يعني تدفق الأموال إلى ما لا نهاية، اعتقاد سيء وخطير.
وأوضح الراحل الجلبي في الندوة التي عقدت عام 2014 أن العراق أمامه 5 سنوات فقط لتعديل النظام الاقتصادي، وإذا مرت السنوات الخمس ولم تفعل الحكومات شيئا، “سنقرأ على العراق السلام”.
وشدد الجلبي على ضرورة البدء بالإنفاق الحقيقي للتنمية وعدم الاعتماد على النفط بنسبة 95%، بينما في دول مثل الامارات تعتمد بنسبة 32% على أموال النفط والغاز في الموازنة العامة، وبقية التمويل من النشاطات الاقتصادية الأخرى في الدولة.
وتوقع الجلبي من عام 2014، في الـ10 سنوات المقبلة، أن تعجز الحكومات العراقية عن دفع رواتب المتقاعدين في الدولة، بسبب سوء الإدارة المالية، موضحا أن بحث الشباب على التوظيف وليس العمل سيقود البلاد إلى الدمار.
وولد أحمد عبد الهادي الجلبي ببغداد في عام 1945 لعائلة تجارية ثرية. وقد شغل والده وشقيقه الأكبر مناصب وزارية في حكومة العراق الملكية. واضطرت العائلة إلى مغادرة العراق عندما انتهى النظام الملكي في 14 تموز 1958.
وقد أصبح أحد أعضاء مجلس الحكم الذي تشكل عام 2004 ليسد الفراغ السياسي في البلاد وتولى رئاسته في إحدى دوراته.
ودخل الجلبي الانتخابات النيابية لعام 2010 بقائمة المؤتمر المنضوية تحت التحالف الوطني، إلا أنه لم يستطيع الفوز وقتها، ليقرر الدخول كسياسي مستقل ضمن كتلة “المواطن” التي كان يتزعمها عمار الحكيم خلال الانتخابات النيابية لعام 2014، ليصبح رئيس اللجنة المالية البرلمانية، وهو آخر منصب رسمي شغله حتى وفاته.