في انتظار المفاجآت الجديدة
.د. فاتح عبدالسلام
مرت من دون أية معان كانت تتوافر عليها قبل سنوات بعيدة ، ذكرى الحادي عشر من سبتمبر، حين انهار البرجان الشهيران في نيويورك بتفجيرات لا تزال لغزاً غير نهائي في معطياته بالرغم من الكتب الكثيرة التي صدرت في توثيق ذلك الحدث وتوثيقه.
ثلاثة آلاف امريكي ضحايا تلك الهجمات فضلا عن ضربة البنتاغون الواضحة الغامضة، البنتاغون الذي تبين انه ليس محمياً بشبكة صواريخ مضادة للأهداف الجوية. وجميعها احداث تولدت عنها تلك الهزات المرعبة التي غيرت بالدم والنار معالم الشرق الاوسط ، فتحطم بلدان اساسيان هما العراق وسوريا، وعم الاضطراب والقتل في ليبيا واليمن وتقسم السودان، ووصل الاسلاميون الى حكم العراق وتونس ومصر قبل ان يتغير وضع مصر وتستعيد تونس توازنها، فيما لا يزال العراق مضيعاً المَشْيَتَين .
ثلاث دول خرجت أقوى فقط هي ايران وتركيا واسرائيل، وبقيت دول الخليج تتفادى الارتدادات المتوقع حدوثها بمزيد من الالتصاق بالولايات المتحدة ومن ثمّ بالدخول في النادي الاسرائيلي من دون رضا الفلسطينيين.
أمّا الحرب الامريكية الاولى بعد ١١ سبتمبر ، في افغانستان فلم يكن حصادها بمستوى الخسائر هناك ، وفي النهاية فإن التفاوض المباشر يجري مع حركة طالبان المسلحة والعنيفة وجها لوجه في الدوحة، من دون أن تستطيع واشنطن أن تجتث الحركة التي سقط حكمها في كابول قبل عشرين سنة.
المعادلة اختلفت جذرياً هناك، إذ تحاول امريكا منذ سنوات للوصول الى جلسة التفاوض مع ذلك العدو العنيد الذي لم يستسلم للامريكان حتى النهاية.
استنفدت هجمات سبتمبر غاياتها التوظيفية اللاحقة عبر الحروب التي حملت شعارات مكافحة الارهاب ، ليظهر بعد ١٥ سنة من تفجيرات نيويورك تنظيم يحتل في ساعات ثلث مساحة العراق وربع سوريا، ورجعنا الى المربع الاول.
وبعد الاعلان عن نهاية ذلك التنظيم بتحرير الموصل والرقة، بدأنا نسمع اليوم عن مواصلة الحرب على الارهاب، من دون أن يعرف أحد ما هو الجديد الآتي على حين غرة هذه المرّة.