في الذكرى السنويَّة لجريمة كنيسة سيدة النجاة
شمخي جبر
شكلت جريمة كنيسة سيدة النجاة جرحا غائرا في الضمير العراقي لايمكن نسيانه، رغم تعدد جرائم الإرهاب ومجاميع الموت والقتل التي استهدفت العراقيين.تعرض العراقيون بغض النظر عن هوياتهم الدينية والطائفية والقومية الى مذابح وحشية على ايدي الارهابيين، ولكن كانت جريمة كنيسة سيدة النجاة الاكثر ترويعا ووحشية، وهي تستهدف القداس المقام داخل الكنيسة عصر 31 تشرين الأول، 2010 عندما اقتحم مسلحون كنيسة سيدة النجاة للسريان الكاثوليك بالكرادة في بغداد أثناء أداء مراسيم القداس.وهذه الجريمة امتداد لعشرات الجرائم التي استهدفت الاقليات الدينية في العراق كالايزيديين وغيرهم، عمق الجرح والأثر الذي تركته هذه الجريمة أنها استهدفت اكثر مايعتز به العراقيون منذ الاف السنين وهو تنوعهم الديني والقومي واعتزازهم وحمايتهم لهذا التعايش ودفاعهم عنه.الارهابيون الذين استهدفوا المسيحيين في كنيسة سيدة النجاة يسعون بعملهم هذا الى الاساءة للتنوع والتعايش الذي يعيشه مجتمعنا، واذا كان الارهاب قد استهدف مكوناً عراقياً اصيلاً، فإن الإرهابيين يوزعون الموت بين العراقيين بلا استثناء وفي ظل الظروف الاستثنائية التي كان يمر بها العراق انذاك.هل كان يمكن أن تصل الاوضاع بأقدم مكون مِن مكونات الشعب العراقي الكلدان والآثوريين والسريان وكذلك الصابئة المندائيون لا يستطيع احد ان يطاوله في عراقيته وعراقته، الى هذا المُستوى مِن الاستهانة بهم وتجاهل وجودِهم الى حد انكارهم؟. وحتى لا تتكرر مثل هذه الجرائم التي تمس وحدة الوطن والشعب وتنوعه لا بد من مواجهة خطاب الكراهية ومغذياته التي تتمثل ببعض المرجعيات الثقافية منها الوافد الثقافي الطارئ على المجتمع او موروثات ثقافية او تربوية تنقل عن طريق التنشئة الاجتماعية الى عقول الاطفال اللينة، او أحكام دينية فقهية متطرفة مجتزأة يتم بثها ونشرها، ومن ثم تأكيدها وتداولها وتحويلها الى حقائق دينية تكتسب قدسيتها لدى من يتبناها ويقوم بالترويج لها.إذ يشكل خطاب الكراهية تهديدا جديا للسلم الاهلي حين يصبح أداة للتحريض في ظل غياب الضوابط القانونية والمهنية الاعلامية ومنظومة القيم الضابطة للوحدة المجتمعية، وبخاصة في المجتمعات ذات التنوع الديني والطائفي والقومي. في مجتمعات التنوع يحتاج المجتمع لإدارة التنوع ورعايته وحمايته من خطابات الكراهية، سواء كانت سياسية او دينية فهو اكثر حساسية لهذه الخطابات وبيئة مهيأة لوجودها في ظل أيديولوجيات دينية او طائفية.