فضائياتٌ فضائيَّةٌ
حمزة مصطفى
واحدة من أكثر المفردات التي تعرضت للتشويه بل الإهانة عندنا هي كلمة «فضائي» التي تنسب ظلما الى الفضاء. الفضاء مزدحم بل هو الأشد ازدحاما وليس مثلما يذهب اليه الذامون، القادحون، الشاتمون. الفضاء يعني الكون الفسيح الذي يضم مليارات الكواكب والنجوم والسموات والأقمار. الفضاء فيه درب التبانة حيث تنتمي مجموعتنا الشمسية ومنها كرتنا الأرضية التي ننتسب اليها نحن بمن فينا الفضائيين مصطلحا لا واقعا. الفضاء يعني القمر الذي تزاحمت فيه سفن «الفضاء» السوفييتية الأميركية أيام الحرب الباردة.أول من صعد الى الفضاء غاغارين الروسي ولكن لم تطأ قدماه أرض القمر. دار غاغارين حول الأرض فكان للسوفييت أيام خروشوف قصب السبق في غزو الفضاء غير الفضائي بلغتنا. ضمها اليهم الأميركان، فبعد أقل من 10 سنوات تمشى نيل أرمسترونغ الأميركي على سطح القمر. ومن هناك قال كلمته المشهورة «خطوة صغيرة لإنسان خطوة عظيمة للبشرية». وكالة ناسا التي تحذرنا بين الفينة والفينة أن كوكبا إقترب من الأرض بمسافة كذا الف وربما مليون ميل ليست فضائية. القنوات الفضائية ليست فضائية، بل بعضها مؤسسات عملاقة بدءا من الاستوديوهات الى المكاتب والبرامج والمسلسلات والمقدمين والمقدمات والمراسلين والمراسلات. صحيح أن بعضها الآخر وما أكثرها مجرد دكاكين لها اسم ومسمى في القمر الصناعي «عرب سات أونيل سات أو أي سات آخر»، لكن ينطبق على غالبيتها المثل القائل «إن حضر لا يعد وإن غاب لايذكر». المصيبة ليست هنا. المصيبة بالفضائيات الفضائية قولا وفعلا تلك التي باتت تنبت كالفطر على اليوتيوب وتتناسل بالسوشيال ميديا بلا أية رقابة أو ضوابط أو قواعد بث أو معايير في الصياغة والإلقاء. نجحت بعض فضائيات اليوتيوب الجادة وفي المقدمة منها «تلك الأيام» للدكتور حميد عبد الله التي تكاد تتخصص بتاريخ العراق المعاصر. ماعدا ذلك وربما استثناءات قليلة أخرى فإن الفضائيات على اليوتيوب باتت على «أفا من يشيل». كل واحد لديه مشكلة مع الجهة الفلانية أوالنظام الفلاني فتح دكانا على اليوتيوب وبدأ يبيع كلام أي كلام. كل واحد لديه وثيقة وثيقتين فتح دكانا وبدأ يتاجر بها. الضحية حروف الجر التي يرفعها جهابذة تلك الفضائيات. فالمذيع يقول بصوته الجهوري «كان فلان يتحدث من بيتهو.. لا من بيته» مثلما علمنا بدو الصحراء قبل إمرؤ القيس..