فصل جديد من مسرحية الحكم والسلطة والفساد
الكاتب : حيدر الصراف
في احدى مسرحيات الفنان السوري الراحل ( نهاد قلعي ) الذي يقوم بدور المختار لأحدى القرى و بعد غضب اهالي تلك القرية على المختار لسؤ ادارته يبدل المختار ( نهاد قلعي ) هيئته و يلبس القبعة تعبيرآ عن التغيير و التجديد و عندما لم ينفع يخلع القبعة و يرتدي في مكانها ( الخوذة ) لكنه بقي نفسه هو المختار الفاسد لكنها هي الأقنعة التي تتغير اما الجوهر بقي كما هو و الحال ذاته بعد سقوط النظام السابق و تعاقب الأحزاب الأسلامية على الحكم فكان النهج التدميري هو ذاته مع كل تلك الحكومات و تلك السياسات الهدامة كانت هي ذاتها لكن الوجوه و الشخوص هي التي تتغير و تتبدل ولم ينفع ذلك التغيير في شيئ فالجماهير الشعبية كانت تطمح من تلك الأنتخابات ان تأتي بالبديل الذي يحقق ما تصبو اليه من المطالب الحقة و المشروعة في العمل و السكن و الصحة و التعليم فأذا بها تفاجئ ( بالمختار ) ذاته لكن ( قناعه ) فقط هو الذي قد تغير .
رئيس الوزراء المقترح سوف يكون احد ابناء الأحزاب الدينية التي شكلت اغلب الحكومات الفاسدة التي اعقبت الأحتلال الأمريكي و قد منيت تلك الحكومات بالفشل الذريع في ادارة امور الدولة العراقية لا بل ساهمت هذه الأحزاب الأسلامية في اشعال الفتنة الطائفية التي قادت البلاد الى الحرب الأهلية و كاد العراق ان ينقسم عرضيآ بخروج المحافظات الغربية بعد ان انقسم طوليآ بأنعزال اقليم ( كردستان ) و تشكيل كيان قانوني اقرب الى الدولة المستقلة منه الى الأقليم الفدرالي كما هو متفق عليه و كما كان ( حزب الدعوة ) هو صاحب بدعة المحافظات الشيعية و المحافظات السنية بعد ان كان العراق يتفاخر كون شعبه لا يفرق بين الطائفتين فكانت و مازالت القبيلة ذاتها نصفها شيعي و النصف الآخر سني و كذلك كانت و مازالت الكثير من العوائل العراقية المختلطة الطائفية .
لم يكن الفساد ( الشرعي ) اي السرقات و النهب ( الحلال ) و العبث بمقدرات و ثروات الشعب و تمويل دول و احزاب اجنبية بتلك الأموال تلك التي فتكت بالأقتصاد الوطني و جعلت البلد الغني ( العراق ) الزاخر بالثروات الهائلة و الشعب الفقير في معادلة من المستحيل تطبيقها الا في ظل حكومات ( حزب الدعوة ) الذي سجل ( براءة الأختراع ) السيئ هذا حصريآ حين كانت اموال الشعب العراقي و ثرواته تنهب و تسرق و تودع على شكل اموال سائلة في البنوك الأجنبية و عقارات و اسهم في البورصات العالمية و كان اغلب اللصوص و الحرامية و ناهبي المال العام و سارقي الخبز من افواه الجياع هم من اعضاء الأحزاب الأسلامية و كان ( حزب الدعوة ) هو رأس الحربة و عراب الصفقات المشبوه .
اصبح العراق في ظل حكم هذا الحزب ( الدعوة ) بلد يعج بالميليشيات التي تملك من العدد و السلاح و العتاد اكثر مما يملكه الجيش العراقي الرسمي و حينها اصبح منطق الميليشيات المسلحة هو السائد و هي تجوب الشوارع في استعراض فج للقوة و ارهاب المواطنيين و صار الكثير من ضباط ( الدمج) هم من يقود الفرق و الألوية العسكرية و كانت الحصيلة سقوط مدينة ( الموصل ) امام بضعة مئات من المجرمين الأرهابيين ( داعش ) و هروب اربع فرق عسكرية حكومية تاركة ورائها اسلحتها و معداتها غنيمة سهلة تسلح بها فيما بعد عناصر التنظيم الأرهابي ( داعش ) في الهجوم على باقي المحافظات العراقية .
هذه بعض من ( منجزات ) الأحزاب الأسلامية الكثيرة خلال هذه السنين العجاف من حقبة حكمها و تعاقب خلالها عدد من قادة هذه الأحزاب على منصب ( رئيس الوزراء ) و لم يفلح احد منهم في النهوض في مجال واحد على الأقل كأن يكون القطاع الصناعي او الصحي او التعليمي و ما الى ذلك من المجالات لقد فشل اؤلئك ( الحكام ) و بلا استثناء فشلآ ذريعآ و مخجلآ و لا يمكن تبريره بأي شكل من الأشكال كما هم يدعون و يتحججون بالأزمة المالية تارة و اخرى محاربة الأرهاب و الذي كانوا هم من اهم اسباب تواجد الأرهاب و الأرهابيين بتلك السياسات الطائفية الأقصائية التي جعلت من الأماكن المهمشة تلك حواضن مثالية للأرهابيين .
كل تلك الأخفاقات الجمة و ذلك الفساد الكبير جعلت الشكوك القوية تحوم حول اي مرشح له صبغة دينية بعد ان كان اغلب القتلة من تلك الأحزاب الدينية و اغلب ميليشيات القتل وفرق الموت كانت تابعة للأحزاب الدينية و هي تمشط الشوارع و الأزقة بحثآ عن الضحايا و كان اكثر سراق المال العام و اساطين الفساد و الصفقات المشبوه و العمولات و بيع و شراء الوزارات هم من اعضاء تلك الأحزاب و بحماية ميليشياتها و على كل تلك المعطيات و التجارب المريرة فأن أي رئيس وزراء جديد يجب ان لا يكون من الرعيل الديني و لا يخرج من خيمة الأحزاب الدينية و ان لا يكون في يوم ما عضوآ في احد الأحزاب الأسلامية او وزير سابق في الحكومات المتعاقبة التي جاءت بعد سقوط النظام السابق فهذه هي المطالب الأساسية للثوار المنتفظين فهؤلاء ( الحكام ) كالأفاعي تبدل جلدها دون طبائعها .