فصل الإرتياب في صندوق الإنتخاب
فصل الإرتياب في صندوق الإنتخاب – منقذ داغر
الأنقلاب البنفسجي،هكذا لخصتُ قرائتي لنتائج انتخابات تشرين 2021 في مقالي الذي كتبته في معهد واشنطن قبل يومين. هذه الانتخابات مثلت أنعطافة حقيقية في المسار السياسي العراقي مابعد 2003 لعدة أعتبارات:1- أنها أول أنتخابات مبكرة أُجبرت الطبقة السياسية على اجرائها ليس استجابةً لاستحقاق دستوري بل استجابةً لضغط جماهيري،على الرغم من أن معظم من طالب بالأنتخابات قاطعها فعلياً.2- أنها أول انتخابات تم النص في قانونها على أنها تجرى ألكترونياً وتعلـــــــن نتائجها خلال 24 ساعة.3- أنها أول أنتخابات يديرها قضاة، وتشرف عليها حكومة يمكن تسميتها بالمؤقتة،تحت أشراف أممي مكثف.4- أنها أول أنتخابات على وفق ما يسمى بقانون الصوت الواحد غير القابل للتحويل . SNTV كما انها أول أنتخابات يتم فيها التخلي عن نظام القائمة الحزبية.لقد شكلت نتائج هذه الانتخابات مفاجأة وصلت لحد الصدمة لا للقابضين على مصادر السلطة وأحزابها التقليدية فحسب بل لكل المتابعين للمشهد سواء داخل أو خارج العراق. وأذا كانت خارطة القوى داخل البرلمان القادم لم تشهد تغييرات(جذرية) في الجناحين (السني) و(الكردي)،فأنها شهدت تغييرات يمكن بلا تردد تسميتها بالجذرية قياساً على الانتخابات السابقة. لذا سأركز في سلسلة مقالاتي هذه على نتائج الانتخابات في الجناح (الشيعي) التي أثارت جدلاً واسعاً،بل جعلت القوى التي أنتقدت تظاهرات تشرين تلجأ للتظاهر وقطع الطرق للاعتراض على النتائج طارحةً (لأول مرة)فرضية تزييف الانتخابات والتلاعب بنتائجها،بعد ان كانت القوى الشعبية أو القوى الحزبية التي لا تمتلك حولاً وقوة في الدولة هي من تطرح فقط فرضية التزوير في جميع الانتخابات السابقة. ولست بصدد مناقشة التداعيات السياسية لخسارة القوى المعترِضة، فقد ناقشتها في أكثر من مقال آخرها الذي أشرت له في معهد واشنطن،لكني هنا سأرتدي نظارة المحلل الفني وأكتب بقلم الباحث العلمي، واضعاً فرضيات التزييف المختلفة على منضدة التشريح لفحص مدى مصداقيتها.نظام العدلقد استندت معظم حجج الطاعنين بالنتائج على كون هذه الانتخابات جرت بأعتماد نظام العدّ والأحتساب الالكتروني بأستخدام بطاقة الناخب الألكترونية.أبتداءً لا بد للاشارة الى نقطة مهمة جداً وهي ان البرلمان المنحل وفيه عدد كبير من النواب عن الكتل المعترِضة الان،قد أقر في يوم 4 ك1 2019 قانون تشكيل مفوضية الانتخابات من القضاة، كما أقر يوم 24 ك1 2019 قانون الانتخابات الحالي،وفي يوم السبت 10 ت1 2020 أقروا مقترح قانون تحديد الدوائر الانتخابية. بمعنى ان كل منظومة أدارة الانتخابات جرى اقرارها من قبل المعترضين على نتائجها. مع ذلك سأناقش فرضيات التزوير أدناه قبل أن أحلل ما حصل في الانتخابات.1- ألسيرفرات. قيل ان السيرفرات موجودة في الامارات وهذا يتيح التلاعب بها وهي حجة تبدو مقبولة،لكنها لا تصمد أمام حقيقة أن من يريد التلاعب بالنتائج سيبرنيتياً (تهكير أو ما شابه) يمكنه فعل ذلك سواء كانت السيرفرات في بغداد او الامارات أو حتى في جزر الواق واق. وأن وجود سيرفرات الانتخابات الاميركية في أمريكا لم يمنع (أدعاءات) حصول تهكير روسي لها. كما أن وجود سيرفرات المفاعل النووي الايراني في ايران لم يمنع العدو الصهيوني من الدخول عليها! مع ذلك تبقى حقيقة أكدتها المفوضية وهي ان السيرفرات موجودة في بغداد!2- استدل البعض على التزوير بأن مواعيد غلق بعض الصناديق كانت بعد الساعة السادسة مساء في حين انها مبرمجة الكترونياً لتُغلق الكترونياً بحلول الساعة السادسة! هذا اعتراض وجيه ومنطقي،لكن السؤال عن عدد ونسبة تلك الصناديق للعدد الكلي؟ وهل هو مركز في المناطق الجنوبية وفي مناطق نفوذ الاحزاب والكتل المعترضة؟ وهل ان عملية الغلق بعد السادسة قد تكون حدثت نتيجة خطأ برمجي او بشري أو تم بتعمد؟ هذه تساؤلات يمكن ان يجيب عنها القضاء من خلال الشكاوى التي تم تقديمها لهذا السبب. لكن في كل الاحوال فأن المعلومات تشير الى ان الغالبية المطلقة من الصناديق أغلقت في وقتها. كما ان من يريد التلاعب بعد غلق الصناديق ولديه القدرة على ذلك فكيف ينسى تعديل موعد غلق الصندوق ليتطابق مع السادسة. المعلومات المتيسرة تشير الى ان اكثر من 95 بالمئة اغلقت الكترونياً في الوقت المحدد وان هناك أخطاء بشرية وفنية جعلت بعض الصناديق تبدو ظاهرياً وكأنها اغلقت بعد السادسة لكنها أُغلقت فعلياً في الموعد المحدد.3- كما ثارت أعتراضات تستند الى حقيقة أن نتائج الانتخابات كما أظهرتها الاشرطة المطبوعة التي تم تزويد ممثلي الكيانات بها لا تتطابق مع النتائج الفعلية التي أعلنتها المفوضية العليا للانتخابات. ومرة أخرى يبدو هذا الدليل دامغاً ويثبت أن هناك شيء ما(ربما يكون تلاعب مقصود) أدى الى عدم المطابقة هذه! ولحساسية هذه النقطة وكثرة التفاصيل حولها سأترك تحليلها الى الحلقة القادمة.