فحص الدولة قبل الأزمة
د. فاتح عبدالسلام
الشهادات والتصريحات لاتزال تتوالى يوما بعد آخر، تلك التي يدلي بها قادة عسكريون ووزراء سابقون وسياسيون في اعقاب النكسة الوطنية الكبرى في فقدان ثلث العراق لمدة أكثر من ثلاث سنوات على يد تنظيم داعش الذي عبر في ليلة ويوم بسياراته علناً من سوريا الى العراق. كل ما قيل، يلتقي عند نقطة أساسية هي انّ الجيش العراقي لم يكن يمتلك السلاح والذخائر مع فقدان جنوده المعنويات المطلوبة للقتال. أحدث تلك الشهادات الموثقة كانت للفريق علي غيدان، وهو ضابط قديم خبرَ المعارك في حروب العراق مع إيران والكويت وداعش، وكان يشغل منصبا قياديا عسكريا في يوم احتلال الموصل. ومما قاله في المقابلة التلفزيونية انه ابلغ القائد العام للقوات المسلحة انّ دبابات أبرامز الامريكية التي بحوزة الجيش العراقي تفتقد الذخائر، وانّ عتادها عبارة عن صجم للتدريب، وكان ذلك قبيل سقوط الموصل. وينعطف غيدان الى موضوع طلب التسليح العاجل من إيران لنكتشف انّ الجيش العراقي الذي كانت المليارات قد صرفت عليه ونحن في العام ٤١٠٢، انما كان يفتقد لسلاح متوسط مثل الهاونات البسيطة والبي كي سي والقاذفات اليدوية آربي جي سفن وعتاد الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وهي مستلزمات أساسية في اية وحدة عسكرية لكي تحمل صفة قتالية أولية، ولم يكن هناك أصلا أي شراء لسلاح ثقيل كالمدافع الكبيرة والدبابات من ايران. في تلك الفترة السوداء من تاريخ العراق المعاصر الأكثر سواداً، كانت المهاترات السياسية صاخبة في المنطقة الخضراء والتخبط واضحاً، وكان وزير الدفاع الاسبق أو الأجهزة المختصة تتحدث عن جاهزية عالية لملاقاة العدو، ليكتشف العراقيون لاحقاً انّ تعداد موجود الافواج لا يزيد على عشرين جندياً وانَّ السلاح الثقيل في حال وجوده يكون من دون عتاد. أيجوز أن نقول انها صفحة قديمة وطويت؟ أم انّ السؤال المستحق هو ماذا نملك من ذخائر كخط أول وخط ثاني واحتياطي استراتيجي لكل سلاح بيد القوات المسلحة؟ وما هي الاليات المكفولة اليوم لضمان منع أن يظهر علينا قائد، بطوله وعرضه، بعد اية أزمة مقبلة ليرمي بالتقصير على تسرب الجنود من الوحدات وانّ الافواج والألوية مسميات من دون وجود، كما قيل سابقاً. ليس الجيش والوحدات الأمنية فقط بحاجة الى فحص لمعرفة الحقيقة اللحظة، وانّما كل أجهزة الدولة.