غرّد مع السرب أو خارجه
فاتح عبدالسلام
حين حاصرت وسائل الاعلام الامريكية الكبيرة الرئيس السابق دونالد ترامب، ثمّ قاطعته، ومنعت إيصال آرائه من خلال منافذها، لجأ الى التعبير اليومي عن مواقفه عبر تغريدات في تويتر، في حين تلقى ضربات من فيسبوك ووسائل تواصل أخرى، وكنّا نشهد كل يوم معارك إعلامية بطلها أو ضحيتها ترامب . ثمّ جرت محاكمات حادثة اقتحام انصار ترامب مبنى اعلى سلطة تشريعية، الكونغرس، وكانت تغريدات ترامب في تلك الساعات مادة أساسية بين أدلة الإدانة في يد المحققين، وربّما، افتراضاً، انه ندم ترامب في سرّه على استعجاله في التغريد غير المبرر أحياناً. اليوم في العراق، تتفاعل التغريدات السياسية بما يعبر عن مواقف قد لا تخرج بنفس السرعة في وسائل الاعلام التقليدية، وهناك استجابة واضحة من الفعاليات السياسية والاجتماعية للتغريدات المنطلقة من أحزاب وقوى وشخصيات كبيرة.التغريدات علامة صحية على حيوية المشهد السياسي، كمبدأ عام، لكن التصرف بالتغريدة تصرفا سياسيا خارج السياقات المعهودة في إدارة شؤون الدولة، يقود الى تقاطعات في العمل تفضي الى تصدعات أينما حلت . اية تغريدة، هي نوع من التنفيس السياسي أيضا، لأنها مهما كانت فهي اقل من بيان او خطاب او مقررات مباحثات واجتماعات، لذلك كانت إدارة شركة تويتر قد حددتها بمائتي وخمسين كلمة منذ انطلاق اول تغريدة. وقبل أيام قرر تويتر التعامل مع المقالات بمواصفات خاصة أيضا، لكن هذا المجال الجديد لم ينزل في التعامل السياسي في العراق حتى الان. في ضوء ذلك، لا ينبغي أن تنبني المواقف السياسية للجهات التي تتلقى تغريدة ما، مباشرة وبطريقة انفعالية، فقد تكون التغريدة نوعا من الخواطر أو مجالا لفتح النقاش والتفاعل او لتحقيق نشر توجهات مرحلية معينة، وليس لقيام احكام سياسية قاطعة.هنا لا بدّ من ان تكون التغريدة، التي تؤخذ على محمل الجد، في محل المعاينة السياسية الهادئة، وان يتم فتح باب الاتصالات السياسية الرسمية وغير الرسمية بشأنها، لكي يكون هناك مسار إيجابي يخدم الجميع ، وليست المسألة هي نسف مواضعات سياسية معينة او زج عوامل خارج السياق المقبول في المعادلة العراقية التي تعاني أساسا من اختلالات، وتحتاج الى صبر عظيم لإعادة توازنها.