عن الطلي والحذاء القبقلي
حمزة مصطفى
القانون في ظل الديمقراطية يحمي المغفلين والأذكياء على حد سواء, بل حتى المتذاكين. طبقا لأصول الديمقراطية لابد من التفريق بين التهمة التي تحتاج دليل وبين السب أو القذف أو التشهير ودليله أحد طرق العلانية وما أكثرها اليوم. وطبقا للقانون ديمقراطي أو دكتاتوري فإن لكل من الذم, السب, القذف مادة قانونية. في الأنظمة الدكتاورية يستثنى الدكتاتور من هذه المواد القانونية. هذه المواد تنطبق على العامة وزراء, رجال دين, شيوخ عشائر, عمال مساطر. حتى الذات الإلهية لها مواد قانونية بينما الدكتاتور إستثناء لقناعته أن لا احد يجرؤ على التحرش به. ديمقراطيا الأمر معكوس تماما. بكل سهولة لاتستطيع سب أو ذم مدير المدرسة الإبتدائية التي يدرس فيها إبنك أو حفيدك حيث “ماتلحك تروح الى محكمة الكرخ”, لأنك سوف تشبع “دكات” الى أن “تزوع” ملايين الفصل وأنت الممنون. هذا ينطبق على مدير مدرسة إبتدائية. أما “شوية” أعلى, شيخ عشيرة,رجل دين, منا منا, فلاتملك سوى أن تمشي بصف كل الحيطان “جفيانا للشر”. المفارقة ان حرية التعبير في ظل الديمقراطية تسمح لك أن تسب رأس الدولة التنفيذي, بل تعطيك الحق أن تطلق عليه ماتيسر لك من صفات والقاب بمن في ذلك توظيف “الطلي” لأغراض ديمقراطية. لماذا؟ لأن كل مايترتب على ذلك, إن ترتب, ويحصل في حال إقامة دعوى قضائية هي وقوفك أمام القاضي بكل شموخ لأن كل جريرة المسكين رأس الدولة “مصدك” على العكس من مدير المدرسة الإبتدائية بالديمقراطية. بعد المحاكمة الشكلية سوف تخرج بمعادلة لا غالب ولا مغلوب مع غرامة لاتتعدى الـ 300 دينار عراقي. هذا فقط يحصل إن رفع دعوى قضائية. أما في حال لم يرفع فتأكد إنه مؤمن بمدرسة نوري السعيد القبقلية. ماهي هذه المدرسة؟ ممايروى من قصص عن العهد الملكي أن الأهزوجة الشعبية المعروفة “نوري سعيد القندرة وصالح جبر قيطانها” وظفها أحد أصحاب الصحف المحلية المعارضة آنذاك بطريقة إستفزت رئيس الوزراء صالح جبر وكان وزير داخليته نوري السعيد. كان يوميا ينشر على الصفحة الأولى صورة (حذاء بقيطان) في إشارة الى السعيد وجبر. ولأن وزير الداخلية هو من يملك الحق في منح تراخيص الصحف أو إغلاقها فإن صالح جبر يتصل يوميا بالسعيد طالبا منه وضع حد لهذه القصة . لكن نوري السعيد الذي لم يستجب لطلبات صالح جبر أرسل على صاحب الإمتياز قائلا له .. انت يوميا تنشر صورة حذاء وقيطان. وقبل أن يتفوه صاحب الإمتياز بأي كلمة قال له السعيد .. أنت تعرف جماعتنا ليسوا ديمقراطيين وبالتالي عقولهم صغيرة أقترح عليك من الآن فصاعدا رسم الحذاء .. قبقلي. مقالي المنشور اليوم الاثنين في جريدة “الصباح”