على متظاهري تشرين تشكيل قيادة جماعية تهيئة للانتخابات
بقلم مهدي قاسم
إحدى الإشكاليات التي واجهت منذ البداية متظاهري أو بالأحرى منتفضي تشرين قد تجسدت في انعدام قيادة أولية ومبتدئة و منظمِة و مشرِفة على سير التظاهرات سلميا ، ليس في العاصمة بغداد فقط إنما على مستوى المحافظات أيضا، ليس فقط من أجل ضبط التظاهرات لتكون سلمية وخالية من أعمال فوضى و اضطراب و شغب أو عنف من قبل مندسين أو طارئين ، وذلك من خلال أختيار فصائل و فرق خاصة من ضمن المتظاهرين تكون مهمتهم خصيصا و حصريا فرز وتشخيص مشاغبين طارئين أو مندسين الذين يرومون إلى تشويه سمعة التظاهرة والمتظاهرين أمام الشارع العراقي وإسقاطها عمدا و خدمة لأحزاب السلطة الفاسدة ، وذلك عبر قيام بأعمال عنف وحرق إطارات أو تخريب محلات ومقرات بلديات في أسوأ الأحوال ، هذا ناهيك عن استفزاز قوات حفظ النظام بغية جرهم إلى اشتباكات مع المتظاهرين، فلو تشكلت منذ البداية فصائل و فرق من هذا القبيل و بتنسيق مسبق مع قوات حفظ الأمن والنظام لالتقاط و رفع أي مشاغب فوضوي أو مندس مخرب وتسليمه لقوات حفظ النظام لتأخذ الإجراءات اللازمة ، بحقه أو ــ على الأقل ــ تحييده ومنعه من مواصلة أعمال عنف أو تخريب ..وقد سبق لي أن كتبتُ مقالة في هذا الخصوص و طرحت فيها نفس تصوراتي الراهنة هذه ، ولاسيما أن أحد قرائي الدائمين قد كتب لي في حينه أن بعضا من متظاهرين يوزعون بعضا من مقالاتي فيما بينهم في ساحة التحرير ، فكنت اتمنى ان يتبنوا طروحاتي هذه و ينظموا مظاهراتهم و يحموا أنفسهم من اختراقات المشاغبين والمندسين ، مع اعتقادي و يقيني أن ذلك لن يحدث إلا في حالة تشكيل قيادة جماعية غير فئوية أو حزبية وإنما على شكل تيار إصلاحي وطني واسع وم0رن وذات تصوير واقعي لحقيقة المشاكل والمعضلات القائمة في العراق ـ تتكون ليس من متظاهري العاصمة فقط إنما من مندوبي كل المحافظات المنتفضة أيضا ، و ذلك تمهيدا و تهيئة جيدة للانتخابات القادمة و أن يكون الهدف مرّكزا على الفوز بالانتخابات في المقام الأول و بلا أية عراقيل أو انقسامات ، بل دون أي تفكير بمنصب أو امتياز سلطوي .. إذ أن الهدف الأساسي يجب أن يكون متجسدا في إنقاذ العراق وإخراجه من هذه الهوة العميقة والمظلمة و الإفلاس العاصف والفوضى الأمنية المنفلتة قبل فوات الآوان بعمليات إصلاحية جذرية وشاملة وحاسمة ، وخاصة أن العراق بات يعيل نفسه االان من عمليات اقتراض حيث تتراكم الديون ليصبح كل فرد عراقي بعد سنوات قليلة مدينا بعدة ملايين دولارات و التي ستشكّل عبئا ماليا هائلا و ثقيلا ، لتثقل أكتاف الأجيال العراقية المقبلة في كل الأحوال ..هذا دون أن نضيف إلى إنه لابد من قيادة لأية مجموعة أو تجمع بشري ، بل حتى قطيع الخراف لا يسيرمنتظما إلا بوجود راع يقوده نحو حقول وروابي فيها أعشاب أو سواقي ..