على درب إعادة المجربين
د. فاتح عبدالسلام
اختفى بسرعة شعار المجرَب لا يُجرب، وظهرت طروحات جديدة لدى الطبقة السياسية في العراق، منها انّ المُجرَب خيرٌ من غير المجرب، من خلال اعادة الاسماء ذاتها تدوير نفسها بنفسها لكن من خلال تحالفات مصالحة مختلفة، ويتجلي هذا التوجه في المحافظات.يبدو أنّ السياسيين، على طول هذه السنوات التعيسة الطويلة، لم يستخلصوا نتيجة ذات فائدة واحدة من سلسلة عمليات التجريب التي لم تتحول الى حالة مستقرة من الاوضاع، وظلّ ما يجري في البلد مجرد العجن في حقل تجارب من دون تحديد الهدف الذي ينبغي أن تصل اليه تلك التجارب .المسألة لم تعد اجتهاداً سياسياً، بل هي وقاحة أن يقوم أي سياسي شهد خراب البلاد منذ ثماني عشرة سنة ولم يستطع أن يرقع الاوضاع لا أقول يبنيها من جديد، ولا يزال يحلم بفترة أخرى من السلطة، ويريد مزيداً من التجريب في رؤوس العراقيين. لا يوجد سياسي من صف التداول الأول، يستطيع أن يجيب بوضوح عن سبب دخول سباق الانتخابات المحسومة نسبياً داخل كل كتلة. ونشترط هنا ان يكون الجواب خارج مفردات الرغبة في الوصول للسلطة والامتيازات، بالرغم من انه لا يستطيع أصلا التصريح بذلك.هناك اكذوبة تحولت الى شعار سياسي ومنهج انتخابي غلفوها بشعارات الرغبة في خدمة الشعب. الحقيقة انها خرجت من نطاق الاكاذيب الى مساحات الضحك الاسود. ذلك انّ جميع الطبقة المهترئة كانت تسمع ،كلّ يوم، شباب تشرين من قلب بغداد المدمى الى قلب الناصرية النابض مرورا بقلوب المدن العراقية الموغلة بالعذاب، وهم يرددون هتاف التغيير، ذلك الهتاف الذي دفعوا من أجله الدماء الطاهرة، و لا تزال تتوهم حفنة من السياسيين في انَّ من السهل اعادة تجريب المجربين.
