عقوبة “الإعدام” حول العالم.. بين التطبيق والإلغاء والنفاق
ألغت أغلب الدول الأوروبية العمل بالعقوبة على اعتبار أنها تتنافى مع “الإنسانية”، إلا أن مراقبين يرون أنها تتجنب ممارسة ضغوط على أكثر الأنظمة إسرافاً في تطبيقها دون تحقيق معايير العدالة.
الهند والولايات المتحدة، أكبر دولتين “ديمقراطيتين” في العالم، تواصلان العمل بالإعدام على نطاق واسع.
أكثر دول العالم ألغت العقوبة أو أوقفت العمل بها إلا أن 60% من سكان العالم يعيشون في دول تطبقها.
ما تزال عقوبة الإعدام قضية جدلية في العديد من البلدان وعلى الساحة الدولية، بين مؤيد يرى فيها قصاصًا رادعًا، وآخر معارض يعتبر أنها تسلب الناس الحق في الحياة.
وبين هذا وذاك، يذهب العديد من الأشخاص سنويًا ضحية ما يراه مراقبون “إسرافاً” في تطبيق العقوبة، من قبل أنظمة لا تعير تحقيق معايير العدالة اهتمامًا كبيرًا، وأخرى تتغاضى عن تلك الممارسات رغم “تبنيها” نشر الديمقراطية ومبادئ حقوق الإنسان.
ورغم أن أكثر الدول، لاسيما في أوروبا، ألغت العقوبة أو أوقفت العمل بها، فإن نحو 60% من سكان العالم، حسب منظمة العفو الدولية، يعيشون في دول تطبقها.
ويعود ذلك، بحسب المنظمة، إلى تطبيقها في أكثر دول العالم سكانًا؛ الصين والهند والولايات المتحدة، رغم أن الأخيرتين يُنظر إليهما على الساحة الدولية كأكبر ديمقراطيتين في العالم.
ويعد توثيق حالات الإعدام أمرًا شديد التعقيد بالنسبة للناشطين الحقوقيين، سيما في ظل دول تحكمها تشدد على مبدأ “السرية”.
** تراجع الإعدام
اتخذ تطبيق العقوبة خلال السنوات الماضية اتجاهًا تنازليًا، إذ جرى تنفيذ 993 حكم إعدام خلال عام 2017، بحسب “أمنستي”، بتراجع 4% عن 2016 (1032 حالة)، و39% عن عام 2015 (1634 حالة).
ولا تشمل تلك الأرقام الصين، التي تعتبر تلك البيانات “أسرار دولة”، وتقول منظمات إنسانية إنها تطبيق العقوبة بحق الآلاف سنويًا.
وتقول أمنستي إن التراجع المُشار إليه يعود إلى أن 142 دولة بشكل إجمالي توقفت عن تطبيق عقوبة الإعدام في العقود والسنوات الأخيرة، استجابة لتوجهات داخلية أو خارجية.
إلا أن 4 دول، هي السعودية والعراق وباكستان وإيران، نفذت نحو 84% من الإعدامات التي شهدها العالم عام 2017، باستثناء الصين كما سبقت الإشارة.
ويطالب حقوقيون بأن يمارس الغرب والمجتمع الدولي ضغوطًا جادة على تلك الدول لتقييد الإعدامات، وبالكف عن استخدام حقوق الإنسان “ورقة سياسية”.
** التطبيق في أهم الدول
– الولايات المتحدة:
عقوبة الإعدام معمول بها في أكثر الولايات الأمريكية، وهو ما يعتبره ناشطون في البلاد “عارًا” على دولة تزعم الدفاع عن مبادئ حقوق الإنسان على الساحة الدولية.
وبشكل إجمالي، تطبق العقوبة 30 ولاية (من أصل 50) إلى جانب الحكومة الفدرالية ومؤسسة الجيش.
ونُفّذ في البلاد 20 حكم إعدام عام 2016، و23 حكمًا عام 2017، وحتى أبريل / نيسان 2018، ما يزال ألفان و743 شخصًا مدرجين على قوائم الإعدام.
والجرائم التي تستوجب الإعدام في الولايات المتحدة هي: قتل رئيس أمريكي، والخيانة العظمى والتجسس ومحاولة قتل المحلّفين أو أحد الشهود في المحكمة، ويتم الإعدام غالبا باستخدام أسلوب الحقن القاتل.
وكانت عقوبة الإعدام شائعة الاستخدام في الولايات المتحدة قبل منتصف القرن العشرين، وتفيد مجلة “تايم” الأمريكية أن أكثر من 15 ألفا و700 شخص تم إعدامهم في البلاد منذ عام 1700.
– الهند:
في الآونة الأخيرة، وسّعت الهند، التي تعد على نطاق واسع أكبر دولة ديمقراطية من حيث عدد السكان؛ نطاق تطبيق عقوبة الإعدام
وأظهرت بحوث أجراها “مركز معلومات عقوبة الإعدام” (مستقل) أن محاكم الهند أصدرت 109 أحكام جديدة بالإعدام، 51 منها على خلفية جرائم قتل، و43 حكمًا على خلفية جرائم قتل مقرونة بجرائم جنسية.
– الصين:
تعد الصين الدولة الأولى في العالم من حيث عدد أحكام الإعدام التي يتم تنفيذها، إلا أن العدد المحدد لحالات الإعدام يظل غير غير معلن وبالتالي مؤكد.
ويعتقد حقوقيون رغم ذلك أن السلطات الصينية أعدمت آلاف الأشخاص في السنوات الأخيرة.
وتطبق البلاد العقوبة في الغالب على المُدانين في جرائم القتل والمخدرات، وتنفذها عن طريق الحقن القاتل أو بإطلاق الرصاص.
– إيران:
نفذت إيران 977 حكم إعدام على الأقل عام 2015، و567 حكمًا عام 2016 و507 عام 2017.
وتنفذ طهران أحكام الإعدام بحق من تعتبر أنهم يخططون لقلب نظام الحكم، إلى جانب مرتكبي جرائم القتل وتهريب المخدرات والعلاقات الجنسية غير الشرعية.
وغالبًا ما يتم الإعدام شنقًا.
– السعودية:
نفذت السعودية 158 حكم إعدام عام 2015، و154 حكمًا عام 2016، و146 عام 2017.
وتطبق المملكة أحكم الإعدام في الإدانات المتعلقة بـ “الرِدّة” والخيانة والإرهاب والعلاقات الجنسية غير الشرعية والتجسس والقتل والاغتصاب وتهريب المخدرات والسطو المسلح.
وغالبًا ما يتم تنفيذ الأحكام بالسيف علنًا.
– العراق:
سجلت حالات الإعدام في العراق زيادة بواقع 42% بين عامي 2016 و2017، وذلك من 88 حالة إعدام إلى 125.
ويربط مراقبون ازدياد إصدار وتنفيذ أحكام الإعدام بالحرب التي دارت في السنوات الأخيرة مع تنظيم “داعش” الإرهابي.
ورغم ذلك، فإن حقوقيين يطالبون بتكثيف الرقابة على الأوضاع الحقوقية في البلاد، سيما بشأن حالات الإعدام خارج نطاق القضاء.
– باكستان:
نفذ القضاء الباكستاني 60 حكمًا بالإعدام على الأقل خلال عام 2017، مقارنة بـ326 عام 2015، و87 عام 2016.
وتشير الأرقام الواردة من “هيئة حقوق الإنسان”، وهي منظمة محلية غير حكومية، إلى وجود أكثر من 200 محكوم بالإعدام في 2017.
– مصر:
تشير منظمة العفو الدولية أن أكثر من 619 حكمًا بالإعدام صدر في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خلال عام 2017، صدر 402 منها في مصر وحدها.
ونفذ النظام المصري 35 حكماً بالإعدام خلال ذلك العام.
ومُؤخرًا، أصدرت “المبادرة المصرية للحقوق الشخصية” (منظمة مجتمع مدني) حصْرًا بحصاد أحكام الإعدام التي صدرت وتم تنفيذها منذ شهر يناير/كانون الثاني وحتى نوفمبر/تشرين الثاني 2018.
وأكدت المبادرة في تقريرها الشهري، الصادر مؤخرا، أن 581 متهمًا على الأقل صدرت ضدهم أحكام بالإعدام منذ شهر يناير/كانون الثاني الماضي، وذلك في 174 قضية مدنية و9 قضايا عسكرية.
وأشارت إلى أن الأرقام الواردة في الحصر تمثل الحد الأدنى الذي استطاع الباحثون الوصول إليه من خلال الأهالي وما تم تداوله في وسائل الإعلام.
ويخشى حقوقيون أن تتصاعد وتيرة تنفيذ الإعدام في البلاد، مطالبين بحزم أكبر من قبل الدول الغربية التي تجمعها علاقات اقتصادية وعسكرية بالقاهرة.
** موقف الأمم المتحدة
في 14 أكتوبر/ تشرين الأول 2018، الذي يصادف أيضاً اليوم العالمي لإلغاء عقوبة الإعدام، أشاد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بجهود الدول التي تسعى لإنهاء هذه الممارسة.
وقال غوتيريش، في تقرير له، إن “نحو 170 دولة أبطلت عقوبة الإعدام، أو أوقفت تنفيذها سواء بالقانون أو الممارسة”، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”.
وكشف التقرير، الذي قدم إلى مجلس حقوق الإنسان التابع للمنظمة الدولية في سبتمبر/ أيلول الماضي، إن نحو 170 دولة أبطلت عقوبة الإعدام أو أوقفت تنفيذها سواء بالقانون أو الممارسة أو علقت تطبيقها لمدة 10 سنوات.
** مسار إبطال العقوبة على الساحة الدولية
منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945، ظهر على الساحة الدولية اتجاه متصاعد نحو إبطال عقوبة الإعدام.
وفي عام 1977، أيدت 16 دولة مبدأ الإلغاء، وبداية من 1 مايو/أيار 2009، ألغتها بالفعل 93 دولة، 10 منها استثنت “ظروفًا معينة”.
كما علقت 36 دولة العمل بالعقوبة في السنوات الـ10 الأخيرة على الأقل، بينما أبقت 58 دولة العمل بالعقوبة بشكل مكثف.
وبشكل عام، تواصل أربعة من الدول الصناعية تطبيق الإعدام، وهي: الولايات المتحدة الأمريكية، اليابان، سنغافورة، وكوريا الجنوبية.
أما الاتحاد الأوروبي، فهو يحتفظ بموقف قوي ضد عقوبة الإعدام؛ ويعتبر إلغاءه شرطًا مسبقًا للانضمام إليه.
وإجمالي الدول التي ما تزال تطبق عقوبة الإعدام هي كالتالي:
– آسيا
أفغانستان والصين وكوريا الشمالية والهند وإندونيسيا وإيران واليابان وبنغلاديش وباكستان وماليزيا وسنغافورة وتايوان وتايلاند وفيتنام والسعودية والبحرين ولبنان واليمن وعُمان والكويت وقطر والعراق والسلطة الفلسطينية وسوريا والأردن والإمارات.
– إفريقيا
إثيوبيا وبوتسوانا وأوغندا وغينيا وغينيا الإستوائية ونيجيريا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وغامبيا وجزر القُمر وليسوتو ومصر وليبيا وزيمبابوي وتشاد والصومال والسودان وجنوب السودان.
– الأمريكيتان وأوروبا
أنتيغوا وبربودا وجزر البهاما وبربادوس وبليز وكوبا والدومينيكان والولايات المتحدة الأمريكية وغواتيمالا وغيانا وجامايكا وسانت لوسيا وسانت كيتس ونيفس وسانت فنسنت وجزر غرينادين وترينيداد وتوباغو، بيلاروسيا (أوروبا).
الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.انتهى