مقالات

عــــــــراق الأزمـــــــات

فراس الغضبان الحمداني

يتضمن عنوان مقالنا اليوم تساؤلا كبيرا ليس بمقدور هذه المقالة المحدودة المساحة الإجابة عليه وإنما أردنا أن نحفز الآخرين للبحث عن إجابة وحلول لهذه الأزمات المتكررات المتراكمات عسى أن نصل إلى بر الأمان كما وصلت شعوب أخرى سبقتنا بالفوضى الخلاقة .

ولعل عناصر الإجابة عن هذا السؤال الكبير تكمن في أبعاد متعددة أولها البعد الجغرافي وموقع العراق ضمن إقليم تتداخل فيه المصالح وتتداخل فيه أيضا مصالح الدول الكبرى ناهيك عن البعد التاريخي والعنصر الإقتصادي الذي يمثله العراق كونه يمتلك أكبر خزين من النفط في العالم فهو يثير شهية الدول الكبرى وقطعان الذئاب المفترسة.

ومن أجل ان تؤدي الدول الكبرى التي إستعمرت المنطقة قديما مثل بريطانيا وفرنسا وحديثا مثل أمريكا دورا مهما في صنع الأحداث وتشكيلها فقد زرعت منذ وقت مبكر دويلة إسرائيل في قلب المنطقة لتكون حارسا لمصالح الدول الكبرى وأداة لتفتيت المنطقة . ومنذ حملة نابليون بونابرت وحتى اليوم تحقق الأحلام الصهيونية خطوة بعد خطوة فقد كانت وعدا أول مرة أطلقه نابليون ثم أصبح وعدا لبلفور ثم تحول إلى حقيقة في إقامة الدولة الإسرائيلية عام 48 وأمتدت عام 67 ولم تردع عام 73 وهي الآن تعيش في ظل ربيعنا العربي ربيعا صهيونيا زاهي الألوان ، فاليد الماسونية والصهيونية حققت شعار اليهود من النيل إلى الفرات وهي الآن تسرح وتمرح في المنطقة ونجحت في سياسة الإحتواء والتشتيت وصنعت أدوات عربية لتنفيذ مخططاتها ، حتى أصبحنا وللمرة الأولى في تاريخنا لا نكترث لهجوم وغارات إسرائيل على دولة عربية هي سوريا بل وجدنا من يصفق ويؤيد هذه الغارات الوحشية ويصفها منقذا للثورة السورية وذراعا لضرب الدكتاتورية العلوية . وهنا نتساءل لكي نقترب من الإجابة عن السؤال الخاص بكيفية إيجاد حلول للأزمة العراقية ومن يقف وراء هذه الأزمات ومن الطبيعي ستكون الإجابة إن هناك لاعبين صغارا ويقف وراءهم لاعب كبير هو إسرائيل لكن اللاعب الأكبر المسؤول عن تأزم الوضع في العراق والعالم هي أمريكا ، والدليل لمن يريد أن يفهم حقيقة الأمور أن يربط بينها وبين الأحزاب سيكتشف بدون عناء أو حاجة لعبقرية أو محللين سياسيين بأن كل هذه الأدوات هي أمريكية يشتركون بمباركة منها .

وإذا ما أرادت أمريكا أن تكون صادقة مع العراق فعليها أن تطبق المواد الخاصة بإطار الإتفاقية الإستراتيجية الموقعة بين البلدين وينص أحد بنودها على إلتزام الولايات المتحدة الأمريكية بالعمل على سلامة ووحدة العراق ، فأين هذا السلام وأين هذه الوحدة وبايدن يشير الى تقسيم العراق وأمريكا تتفرج على عنتريات ومؤامرات بعض القوى الداخلية والخارجية وتحريفهم لمسارات البعض من الساسة المحتمين تحت قبة البرلمان وتحريضهم على إسقاط النظام السياسي والديمقراطي والدعوة إلى الإنفصال والطائفية؟.

إذن بعد هذه المقدمة فأن أمريكا هي المسؤولة عن كل ما يحدث في العراق ولاسيما ان الإرادة السياسية والوعي الشعبي لم يرتق إلى مستوى الوعي الوطني الذي يستطيع أن ينقذ الإرادة الوطنية ويقطع الطريق على الأجندة الخارجية مهما كان مصدرها ، لكن العكس هو الصحيح لأن البنية السياسية مازالت رخوة وغير متماسكة وتستجيب لكل أنواع الرياح الشرقية والغربية ما ادخل العراق في مهب الريح .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى