عراق الحضارة بين الماضي والحاضر والمستقبل
عراق الحضارة بين الماضي والحاضر والمستقبل – حامد الزيادي
يمتلك العراق موقعًا وعمقًا تاريخيًا و إرثًا حضاريًا عظيما و إنجازات و ابتكارات كبيرة و عظيمة لا تكفي هذه السطور لذكرها إذ إنّ هذه المزايا و المُميّزات جعلت له دورًا رائدًا على طول التأريخ حيثُ كان لاعبًا محوريًا في رسم معالم التأريخ والحضارات و الاحداث السياسية و كان له تاثيرًا واضحًا على مختلف العلوم الثقافية و الحياتية ،و للعراق فضل كبير على ما قدمه من خدمات لمسيرة البشرية من منجزات واكتشافات لازالت معالمها شاخصة تضيء سفر التاريخ وتحدد ملامحه , لكن في الوقت ذاته صار العراق محط أنظار الجميع لما له من أهمية جغرافية و ثروات طبيعية و حضارة و تأريخ فتسابق الجميع للسيطرة عليه و للنيل منه وتهميش دوره ونهب خيراته مما انعكس ذلك على واقعه ومسيرته عبر مراحل متتالية حيث لم ينحصر هذا الاستهداف في مجال واحد او حقبة محددة بل استمر الحال وسوء الاحوال منذ القدم وليومنا هذا !! , واخطر الاستهدافات التي مرت وتمر هي محاولة مسخ هويته وتمزيق وحدته وإستنزاف قدراته ,ولم يكتفي الاعداء بسرقة ثرواته بل راحوا يستهدفون تراثه وعاداته وقيمه ومبادئه وخصوصيته التي طالما حرص ابناء العراق ان تكون في مامن من التحريف والتزييف ورفض كل اشكال الثقافات الدخيلة والمحاولات الخسيسة لطمس هويته وانتماءه واعتزازه بالقيم والمبادىء التي أسّسها عبر الزمن , حيث تركزت هذه الاستهدافات لإضعافه وإعياءه وإخضاعه لولاءات متعددة في محاولة يائسة لتفتيت الوحدة الوطنية التي تشكل الدعامة الخرسانية للبناء المجتمعي في رفض الطائفية والعنصرية وترسيخ روح الأخاء والانتماء الوطني لتعزيز الوئام والتعايش السلمي بين افراده , لذلك نجد ان الاعداء ادركوا جيدًا ان الشعب العراقي مهما تعرض لمحن ومصائب سرعان ما ينهض لانه يمتلك العقول الجبّارة و الإرادة الصّلبة والكبرياء والصمود و الإباء و غيرها من مصادر القوة التي تجعله يتجاوز المحن و الأزمات و النكبات و يعود شامخا كالجبال الشاهقة لا تهزها الرياح العاتية و هذا هو مكانه الطبيعي والحقيقة التأريخية الثابتة والمتابع الحذق لاوضاع العراق يجد ان وسائل الشر والمكر تنوعت وتعددت كلما تعرض مشروع الاعداء للفشل يلجأون إلى أساليب أخرى أبشع و أقذر فتراهم تارة يؤججون الصراع الطائفي وتارة اخرى يؤججون الصراع القومي لعلهم ينجحون في تشتيت وتفتيت الوحدة الوطنية كونها تمثل مصدر اعتزاز وفخر للأجيال على مر العصور , فتراهم يُقوّضون كل محاولة لنشر الوعي وتقريب وجهات النظر وكل دعوة هادفة وسطية معتدلة فيُسخّرون قدراتهم وامكانياتهم و سطوتهم للتشويه والتسقيط والتغييب والإقصاء ونقصد بذلك قوى الشر وادواتهم ممن سعى وحرّض و مارس القتل والتهجير والتشريد ونشر الفوضى والفقر والجهل والخرافة ليحقق الهدفين معا إضعاف العراق لمصادرة تراثه وثرواته عندما يزرعون الشقاق والنفاق وإقصاء الاكفاء وتقديم الجهلاء والسّفهاء ليتحكّموا في مصير العباد والبلاد , لذلك اصبح من اللازم والمهم إستيعاب المخطط وفهم مضامينه بزيادة الوعي عبر دعم ورعاية مشروع تجتمع عليه قادتها و مفكريها و مثقفيها لإرساء قواعد السلم المجتمعي و طرح الافكار والمشاريع الوطنية والاخلاقية التي تعيد للشاب العراقي والعربي ثقته بنفسه وتجعله يعتز بهويته ويتواصل مع ابناء الوطن على الحب والتضحية والفداء لإفشال مخططات الاعداء بتشخيص كل ما يسيء للوحدة الوطنية والقيّم الانسانية التي تعد جزء اساسي من هويتنا، و رفض كل المخططات المشبوهة التي حاول الاشرار زرعها فيما بيننا وعلينا تشخيص الواقع كما ينبغي واجراء تقييم منصف لمن وقف مع الوطن أو ضده من اجل منافع و مصالح شخصية ضيّقة على حساب دماء و تضحيات ابناء الوطن وبعد هذه المراجعة لابد من الخروج برؤية مبســطة عن الإتجاهين وهنا يتحتم علينا الوقوف مع الإتجاه الذي وقف مع الوطن و الشعب وضحى لأجلهما و ثبت على الموقف و المبدأ و تمسّك بالثوابت الوطنـــــية والتواصل مع كافة مكونات واطياف الشعب ويبذل الجهد الجهيد للدفاع عنها وتقديم الصورة البهية للمواطنة الحقــــة التي تحافظ على هيبة وسيادة وكرامة الوطن لكي يعود العراق لمكانته السامية و شموخه و مجده و عراقته و أصالته المعهودة .