عجائــــب الاستثمـــــار في العراق الديمقراطي ..!
الكاتب فراس الغضبان الحمداني
أنفق العراق منذ عام 2003 ولحد الآن مئات المليارات من الدولارات ، وكان الأمل المرتجى من الشعب أن توظف الحكومة هذه الأموال في تنمية بشرية تنقل العراق من خراب الحروب ومن خانة الدول المتخلفة إلى مصاف الدول الكبرى ، أو على الأقل تلحق بالتطور العمراني لدول الخليج أو الجوار .إن الذي يتصفح ملفات الاستثمار العراقي في المجالات الإقتصادية والزراعية والصناعية سيجد هدر المليارات ، يقابله تراجع في الإنتاج وزيادة في الإستهلاك وبطريقة مريعة تؤكد الإنهيار للدولة إنتاجيا ، وإستمرارها فقط بالإعتماد على السياسة الربيعية ، والإعتماد الأحادي على عائدات النفط وتوظيفها كموازنات تشغيلي ، والجانب الإستثماري هو ضحك على الذقون ، وتنمية وهمية ، وإستثمارات كاذبة ، وغياب الإستراتيجية التنموية وخضوع البلاد لمخططات مريبة حولت العراق إلى مجرد أسواق إستهلاكية ، والعراقيين إلى أفواه تأكل ولا تنتج ، والدليل أن الإستثمارات الوحيدة في العراق الآن هي مجرد إتساع في معارض السيارات ، ورصد مليارات الدولارات لإستيراد كل أنواعها الرديئة ، حيث أصبحت شوارع بغداد المختنقة بالكتل الكونكريتية والسيطرات صفراء وعاصمة للسايبات .ويضاف إلى هذا المشهد كثرة أعداد المولات التي تعرض بضائع من كل بلدان العالم مع غياب مطلق للمنتج العراقي ، أما الإستثمار الثالث فهو يبدأ بمقاهي وكازينوات تعمل على تقديم الشاي والنسكافة ثم يتطور الأمر إلى الأركيلة وبعد ذلك للحشيشة ثم تستكمل بالصبايا العاملات وعروض الدعارة ، لتتحول هذه الأماكن إلى بؤر للرذيلة والفساد وتغذية الجريمة المنظمة والإرهاب . وهنا لنا أن نسأل الحكومة والبرلمان عن الإستثمارات التي أوجدوها لتنشيط الصناعة والزراعة والسياحة وتوظيف طاقات الشباب والأرامل في مشاريع تنموية منتجة توقف هذا التدهور الإجتماعي ، وتوفر لنا العملة الصعبة لبناء وطن بمساكن حديثة وشوارع نظيفة ومزارع مثمرة ودفع رواتب المتقاعدين والموظفين في موعدها ودعم الفقراء ، ولعل العيب علينا ان نستورد كل شيء من الطماطة والبصل والملابس الداخلية والمكانس وحتى النعل وحليب الأطفال والأكفان ، وحتى الشعارات التي نلصقها ونعلقها في الشوارع تصدرها لنا الصين ، فأين نحن الذين مازلنا بين دجلة والفرات وفي بلد الحضارات؟ .