عبد المهدي واحلام اليقظة
الكاتب : علي حسين
هل قرأتم الرسالة التي بعث بها عادل عبد المهدي إلى رئيس الجمهورية ومعه النواب وقادة الكتل السياسية؟ هل تختلف في مضمونها عن الرسالة التي وجهها محمد توفيق علاوي أيضا إلى رئيس الجمهورية ومعه النواب؟
يتفق الاثنان على أن لا مكان للشعب في رسائلهم، فما يجري وجرى هو خلاف بين سياسيين على تقاسم المنافع، أما الشعب الذي يتظاهر منذ خمسة أشهر وقدم أكثر من 600 شهيد، فلا مكان له في خطابات “علية القوم”.
وانتم تقراون مثلي الرسالة التي قدمها أمس عادل عبد المهدي والتي أعلن فيها “الغياب الطوعي”، وانسحابه، بعدها يطلب منا أن لا نعيش في فراغ دستوري ، هل ضربتم كفاً بكف ؟ في هذه الزاوية المتواضعة كتبت أن من أبرز الأخطاء التي ارتكبها عادل عبدالمهدي، أنه لم يخرج من عباءة “المنظر” الذي ظل طوال الوقت يعتقد أن هذا الشعب على خطأ، وأنه “جنابه” منذور لمهمة مقدسة هي تعليمه كيف يرتدي “الفروة”، ولهذا ظلّ طوال الوقت يصرّ على أن عبد الكريم خلف هو الذي ينقل أصدق الأنباء، وأن ما يجري من قتل وخطف في ساحات الاحتجاجات مؤامرة إعلامية تقودها الإمبريالية.
ظلت الناس منذ الإعلان عن تشكيل حكومة عادل عبدالمهدي، وإعلان برنامجه الحكومي تسأل ماذا سيفعل عبدالمهدي؟، ومن هي الأسماء الكفوءة التي سيدخل بها العمل؟، ولمن سينحاز؟ لمستشارين يصورون له الدنيا ربيع والجو بديع؟، أم يذهب باتجاه شخصيات تعيد الاعتبار لمنصب المستشار؟ لكن جاء اختياره لمعظم مستشاريه وكادر مكتبه أشبه بالإهانة الشديدة والجارحة التي ولدت حالة من الاستياء عند المواطنين وتسببت في اندلاع الاحتجاجات، فما معنى أن يمنح رئيس الوزراء صلاحيات لشخصيات لم يبلغوا سن المراهقة السياسية؟ الآن عبد المهدي خائف على مستقبل هذا البلد، فلماذا إذن لم يطرد آنذاك خفافيش الانتهازية الذين ارتدوا أكثر من قناع، وكانوا يتلاعبون بقرارات مكتب رئيس الوزراء؟.
ظل عبد المهدي يلحُّ طوال العام الماضي على أنه حامي الإصلاح، منه جاء وإليه يخصص حصيلة جولاته الليلية، ولهذا هو لا يتحرّك وحده، بل هو محاط بكبار الإصلاحيين ، كي يشهروا ثقافتهم في مدن العراق، ويعلموا العراقيين كيف تكون الديمقراطية !.
أبسط عقل سياسي كان يعرف أن عودة الوجوه الفاشلة، بالخداع والخطب الإصلاحية، لن ينجح في إدارة الحكومة وأن زمن الضحك على العراقيين انتهى مفعوله. لكن عبد المهدي للأسف تأخر كثيرا لكي يصل إلى هذا الاستنتاج. الحلّ كان في التغييرالشامل، لا في “الطبطبة” على الفاسدين والتهديد فقط بفتح ملفاتهم .
يصنع التاريخ الرجال الذين يخرجون من ترددهم وعباءة المحسوبية والتحزب إلى فضاء أوسع، ظل عبد المهدي مترددا، ولهذا لم يستطع أن يصنع لحظته التاريخية.