عام مضى والقتلة منفلتون
سامي الزبيدي
في أغلب دول العالم عندما تحدث جريمة قتل أو خطف أو حتى سرقة لا تمر 24 ساعة إلا ويتم الوصول الى الجناة وهذا يعود لعوامل عديدة في المقدمة منها مهنية القوات الأمنية وخبرتها وتجربتها وعدم تسييسها وولاء قادتها وضباطها لأحزاب وكتل متنفذة وكفاءة أجهزة استخباراتها ومعلوماتها ووجود كاميرات المراقبة في أغلب شوارع المدن ومناطقها, إلا في العراق فجرائم القتل والخطف والسطو المسلح تسجل ضد مجهولين ما عدا بعض الحالات النادرة , ولو استذكرنا جرائم القتل الوحشية والخطف وعمليات الاغتيال التي جرت في وضح النهار وفي مناطق مزدحمة كتلك التي جرت في البصرة وبغداد وذي قار وميسان وغيرها من المحافظات والتي طالت المشاركين والناشطين وحتى الناشطات في انتفاضة تشرين منذ اندلاعها في العام الماضي والى أيامنا هذه والتي سقط فيها أكثر من سبعمائة شهيد وثلاثون ألف جريح منهم عشرة آلاف أصيبوا بعوق دائمي وعشرات المختطفين ومع هذه الأعداد المهولة فلم يتم تحديد الجهات التي نفذت جرائم القتل سواء التي تمت بواسطة القناصين أو من خلال الرمي المباشر بالأسلحة المختلفة وقنابل الدخان أو بالهجوم بعجلات تحمل مسلحين على ساحات التظاهر والاعتصام ولم يتم التوصل الى منفذي عمليات الاغتيالات والخطف و حرق خيام المعتصمين المتكرر فمرة تنسب هذه الجرائم الى مندسين وأخرى الى طرف ثالث ومرة الى عناصر تريد إحداث فتنة وأخرى الى جماعات مسلحة منفلته وغيرها من التبريرات التي لم تقنع أبسط المواطنين الذين يعرفون كما تعرف أجهزة الدولة الأمنية من هم قتلة المتظاهرين والناشطين وما عمليات حرق وهدم مقرات الأحزاب والكتل السياسية في عدد من المحافظات إلا الدليل على ان هذه الأحزاب والكتل هي التي تنفذ جرائم القتل والخطف والحرق لكن لا الحكومة ولا أجهزتها الأمنية تستطيع الكشف عن هوية الجهات التي تقف وراء عمليات القتل والاغتيال والخطف التي لم تتوقف لأسباب تكاد تكون معروفة, والمشكلة ان وزير الدفاع في حكومة عبد المهدي التي حدثت فيها عمليات القتل الكبيرة للمتظاهرين أعلن وعبر إحدى الفضائيات ان اللجنة التي تم تشكيلها قد توصلت الى مرتكبي جرائم القتل والخطف التي طالت ثوار تشرين وتم تسليم الملف الى القضاء لكن القضاء لم ينف أو يؤكد هذه الأخبار , وبعد تشكيل حكومة الكاظمي أعلن هو شخصيا أكثر من مرة بعد حدوث عمليات قتل واغتيالات جديدة للناشطين في التظاهرات وحتى الناشطات وللإعلاميين ومنهم هشام الهاشمي وغيره انه سيقدم قتلة انتفاضة تشرين ومرتكبي جرائم القتل والخطف والاغتيال للعدالة لكن لا مؤشرات تلوح في الأفق من ان هذه الحكومة ستسمي قتلة المتظاهرين ومن قام بعمليات الاغتيال للناشطين والإعلاميين , فإلى متى يبقى هذا الملف معلقاً بل ويتم التستر عليه ؟ والى متى يتم التحفظ عل الجهات التي ارتكبت جرائم القتل والخطف للمتظاهرين والناشطين في انتفاضة تشرين ومعهم عدد من الإعلاميين ولماذا ؟. واليوم وبعد ان مر عام كامل على انتفاضة تشرين ولم يتم تحديد قتلة المتظاهرين ومن نفذ عمليات خطف واغتيال الناشطين والناشطات والإعلاميين , فهل سيرى شعبنا العراقي وذوي الشهداء والجرحى لانتفاضة تشرين القتلة والمجرمين في أقفاص الاتهام وأمام القضاء لينالوا عقابهم المستحق؟ أم إننا سننتظر طويلاً أو ربما ستسجل جرائم القتل والخطف والاغتيالات التي طالت شباب الانتفاضة ضد مجهولين ؟ ان انتفاضة تشرين ومن خلال تضحيات الشهداء والجرحى قد أحدثت تغييرات مهمة في المشهد السياسي العراقي تمثلت في إسقاط حكومة عبد المهدي وإجبار مجلس النواب على تشريع عدد من القوانين التي تلبي مطالب المتظاهرين كتغيير قانون الانتخابات الذي تحاول بعض الكتل الالتفاف عليه والعودة الى القانون السابق الذي فصل على مقاساتها وهي التي وافقت تغييره تحت ضغط انتفاضة تشرين وتحاول التنصل منه بعد ان خف زخم التظاهرات كما أدت كذلك الى تغيير مفوضية الانتخابات بأخرى لكنها أهون من سابقتها ولو قدر لهذه التظاهرات الاستمرار في نفس الزخم الذي بدأت ولم يخف زخمها بسبب جانحة كورونا لكان للمشهد السياسي في العراق وضع آخر والمؤشرات الحالية وتصميم متظاهري تشرين على السير في طريق الانتفاضة والثار لدماء الشهداء والجرحى حتى تحقيق الأهداف التي خرجوا من اجلها تبعث الأمل في نفوس العراقيين الذين يريدون التخلص من العملية السياسية المشوهة ومن الأحزاب الفاسدة والفاشلة التي دمرت البلاد والعباد وأحرقت الأخضر واليابس وسرقت أموال العراق ونهبت ثرواته وألحقت الأذى الكبير بشعبنا الأبي وأذلته وجوعته وأفقرته وفرطت بحقوق العراق التاريخية في أراضيه ومياهه وأعادت العراق قروناً الى الوراء والأيام حبلى بالمفاجآت الكبيرة للأحزاب الفاشلة والفاسدة.