طعنات في جسم الدوله
فاتح عبد السلام
سمعت من وزير الثقافة والآثار والسياحة العراقي في تصريح صحفي انَّ هناك آلاف الموظفين في ٢٢ مديرية عامة في وزارته لكن معظمهم خارج اطار أية انتاجية تضيف شيئا، ولعله الوزير الوحيد الذي جاهر بهذا الخلل الاداري الكبير، في حين انَّ شبكة الاعلام وهيئة الاتصالات فيهما زيادة مذهلة في عدد الموظفين المحسوبين كعدد شكلي لا غير من دون أن يهتم أحد من المسؤولين بذلك برغم من مانسمع من بعضهم في جلسات مختلفة .عدم الاكتراث بالترهل الاداري والعددي وغض النظر عن التراكمات السيئة هو نوع ثقيل من الفساد في ترك الانهيارات تزداد عمقاً في جسم الدولة الذي انتابه الخَور والعَور في أكثر من موضع .أسباب الترهل كثيرة، منها كان بسبب من محاولة الحكومتين الماضيتين العاجزتين في لجم صوت الشارع المنتفض ضد البطالة والعوز، فجرى تعيين أعداد كبيرة، من دون توجيه رشيد في استخدام اليد العاملة في المكان المناسب، ومن أجل تجاوز تذمر شعبي، لا يزال أقوى من السابق.ربَّ قائل يقول إنّك تدعو الى شطب رواتب نصف عدد الموظفين مثلاً وهم من الطبقة الفقيرة والمتضررة، والجواب انَّ المسألة تحتاج الى اصلاح النظام الاداري كلّه، بما فيه قواعد التعيينات والتوزيع الوظيفي، وابعاد التسلط الحزبي عنها، ومن ثمَّ اعادة توجيه الاعداد الفائضة عن حاجة وزارة الى وزارات أو مؤسسات أخرى تشكو نقص اليد العاملة أو من أجل تطوير مؤسسات ذات طبيعة انتاجية وليست مكتبية وهمية، يمكن أن تعود بسيولة مالية مستمرة للمؤسسة الحكومية.لقد شبع جسم الدولة العراقية بفضل حكومات مهترئة نفعية من طعنات الاهمال والترهل وسوء الادارة، ولابدَّ من وقفة جادة لتصحيح مسارات معوجة ومسيئة وفاسدة، ثمّة سواقي تتدفق بمياه آسنة تفرزها دوائر الدولة تحت رايات وشعارات ومحاصصات شتى، لكن الماء الصافي سيتدفق يوماً، وإنْ ظنّوا أنّه يوم بعيد .