ضغوط لتأجيل الانتخابات العراقية: هل تتحول التكاليف إلى ذريعة
كشف مصدرٍ مقرّب من رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، عن ضغوط لتأجيل الانتخابات التشريعية المبكرة في العراق، المقررة في 6 يونيو/حزيران المقبل، وسط تركيز على تكاليفها وبروز مخاوف من أن تتحول إلى الذريعة التي يمكن أن يبرر من خلالها إرجاء الاستحقاق الذي يطالب به المحتجون.
ووفقاً للمصدر فإن “هناك ضغوطات حزبية وسياسية ليست اعتيادية على رئيس الحكومة العراقية بشأن تأخير إجراء الانتخابات المبكرة إلى نهاية 2021”.
وأوضح المصدر أن الكاظمي “لا يزال يفاوض هذه الأحزاب الرافضة لإجراء الانتخابات التي ترى أن تنظيم الانتخابات في الموعد الذي حددته الحكومة سيؤدي إلى خسارة عدد كبير من مقاعدها في البرلمان المقبل”.
واعتبر المصدر أنه “في حال رضخ الكاظمي لضغوط تأجيل الانتخابات، فإنه لن يعلن أنها حصلت بسبب رغبة الأحزاب، بل سيعللها بجزئية تكاليفها المالية والحاجة إلى تنظيم أكثر فضلاً عن تنظيم أوضاع النازحين”.
من جهته، أكد مستشار رئيس الوزراء لشؤون الانتخابات حسين الهنداوي، أخيراً، أن إجراء الانتخابات يحتاج إلى أكثر من 250 مليون دولار، والحكومة تعمل على تخفيض هذا المبلغ بالقدر الممكن، لكنها في الوقت عينه ملزمة بتوفير هذا المبلغ وتوفير كافة الأمور المالية والفنية، لإجراء الانتخابات المبكرة”.
وأوضح في تصريحٍ صحفي أن “موازنة عام 2021، ستتضمن تخصيص أموال للانتخابات المبكرة، والحكومة العراقية جادة بإجرائها وفق الموعد المعلن، أي 6 يونيو المقبل، وهي تعمل على توفير كافة الأجواء والمستلزمات لإنجاحها”.
ويعاني العراق من أزمة اقتصادية بسبب هبوط أسعار النفط جرّاء تفشي فيروس كورونا، لذلك يرى سياسيون ومختصون أن تكلفة الانتخابات التي تقدر بأكثر من ربع مليار دولار، مبلغ كبير قد لا يتوفر لدى الحكومة العراقية التي تعاني أصلاً من عجز بالميزانية.
ويرى مراقبون أن الكاظمي قد لا يقوى وحده على إجراء الانتخابات، لا سيما أن بعض القوى السياسية والأحزاب في البلاد منشغلة بشأن تفسير الفقرة المرتبطة بالدوائر الانتخابية في قانون الانتخابات الجديد، فيما تذهب قوى أخرى إلى عرقلة أي أجواء تسودها تسويات واتفاقات بغرض إجراء الانتخابات المبكرة.
ولا ينتهي الأمر بوجود كيانات تسعى إلى تنظيم الاستحقاق في موعدٍ أبكر من 6 يونيو المقبل، مع العلم أن الكاظمي أكد في مقال نشره عقب توليه منصب رئاسة الحكومة في شهر مايو/أيار الماضي أنه ينتظر “تعاوناً مع ممثلية الأمم المتحدة والمراقبين المحليين والدوليين، والتأكد من وضع الأسس الصحيحة لإجراء الانتخابات في جوٍ سياسي وأمني يضمن نزاهتها وعدالتها”.
وكان الكاظمي، قد طلب من مجلس النواب العراقي، الذي صوّت بأغلبية مريحة، في ديسمبر/ كانون الأول الماضي على قانون الانتخابات الجديد انصياعاً لطلب المتظاهرين، استكمال قانون الانتخابات المعدل وتحديداً في ما يتعلق بجدول الدوائر الانتخابية وجغرافيتها في كل محافظة وعددها، وإرساله إلى رئاسة الجمهورية لغرض المصادقة عليه، فضلاً عن إكمال قانون المحكمة الاتحادية.
إلا أن تفشي فيروس كورونا، وإصابة عشرات النواب بالوباء، حال دون عقد الجلسات لاستكمال الملفات التي تحتاج إلى نقاش السلطة التشريعية.
من جهته، كشف عضو اللجنة المالية في البرلمان، حنين قدو، أن “المبلغ الذي يجري الحديث عنه لإجراء الانتخابات المبكرة ضخم جداً، وليس هناك مبرر للإعلان عنه، ولا سيما أن كثيراً من أدوات إجراء الانتخابات متوفرة في البلاد”.
وأضاف، أن “الحكومة عليها أن ترصد ما تحتاجه لإجراء الانتخابات، ومن مسؤوليتها توفير ما تتطلبه العملية، مع مراعاة الوضع الاقتصادي، وألا تؤثر المصروفات على الانتخابات على قطاعات مهمة أخرى، لأن الوضع بات لا يحتمل في البلاد مع تراجع أسعار النفط”.
من جانبه، أشار المحلل السياسي أحمد الشريفي، إلى أن “هناك تردداً واضحاً لدى الكاظمي في إجراء الانتخابات المبكرة، بسبب ضغط الأحزاب عليه وعلى فريقه، من خلال الحملات الإعلامية التي تنال من الحكومة الحالية، إضافة إلى المبلغ المالي الذي تحتاجه الانتخابات والذي قدرته الحكومة بـ 250 مليون دولار”.
ولفت إلى أن “عودة (زعيم التيار الصدري مقتدى) الصدر إلى العراق، وانتهاء المهلة الممنوحة للكاظمي والتي قدرت سابقاً بمائة يوم، قد تؤدي في المستقبل إلى قرارات سياسية جديدة تصدر عن الصدر، خصوصاً أن التيار الصدري فقد كثيراً من مؤهلات فوزه بالمرتبة الأولى في الانتخابات المقبلة، وهو ما لا يرضاه الصدر على نفسه وتياره الجماهيري”.
وعلى الرغم من أن الحراك الحكومي متواصل لتنظيم الانتخابات المبكرة، الذي يشكل أهم المطالب للمحتجين العراقيين الذين يعتصمون في ساحات بغداد ومحافظات جنوب العراق، إلا أن ساحات الاحتجاجات ترفض أي انتخابات في ظل بقاء العملية السياسية الحالية.
ويواصل المتظاهرون في العراق احتجاجاتهم، منذ مطلع أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، مطالبين بانتخابات مبكرة وقانون جديد، في بلد تتفاقم فيه المشاكل الأمنية والاقتصادية منذ عام 2003.
وتعرضوا طيلة الأشهر الستة الماضية إلى قمعٍ مفرط بحسب منظمات حقوقية دولية، أسفر عن استشهاد نحو 700 متظاهر وجرح ما لا يقل عن 26 ألفاً آخرين.