ضعف المثقفين أم قوة الاغراء؟
دكتور نزار محمود
إنها مسألة صعبة على من قضى جل حياته مثقفاً ومناضلاً ومدافعاً عن مبادىء تقدمية وثورية واشتراكية ويسارية وحتى شيوعية، مهاجماً ومقاتلاً الرجعية والاقطاعية، أن يقف اليوم يبحث عن انفراجة وجه أو ابتسامة أو عطف من لدن ما يسمون بأصحاب الوجاهات المجتمعية المؤطرين بالسياسة والمعبئين بالاجندات!اسماء انهكها نضالها العقيم أو العاثر فارتمت في احضان دافئة لمؤسسات تمولها دولارات مموليها من إنس وجان!هناك من الأسماء من لم يتردد طويلاً في بيع قلمه ارتزاقاً من كلمات يصفصفها وسطور يكتبها.لو عادت باولئك السنون القليلة ووقفوا أمام مرايا وجوههم لتبينت لهم ملامح الهزيمة أو النفاق والانتهازية أو جميعها، أو ربما بشائر الخير!لقد كان قسم منهم قد عاش في ظل انظمة آمن بمبادئها، وكان معززاً مكرماً لديها، لا ينقصه المال ولا الخدم ولا الحشم، وفجأة يرى نفسه على قارعة طريق شحاذ، وراح يراقب بقلق ذوبان ارصدة ما جمعه خلال الاعوام الماضية.تلتقي اطياف ممن كان حمل، أو لا زال يحمل، راية النضال ضد العمالة للاستعمار” من رجعية وبرجوازية واقطاع. يجلسون يتحدثون فتزداد نبرات اصواتهم حدة، لا بل وتتعالى الى صراخ ومسبة وشتائم.يخرجون من مقهى لقائهم، هذا يحس براحة نفس وضمير، وذاك يسارع الى عد دولاراته والى متابعة نشر مقالاته وقبول مشاريعه.لقد افترق رفاق الدرب وزملاء الأمس، فمنهم من بقي على دينه، ومنهم من ساير العصر!لكن منهم من اكتشف بعد عمر طويل، أو هكذا فهم ان ليس كل ما كان يؤمن به يصح للحياة وتطور الإنسان، فراح يدافع عن طريق حياته الجديد غير آبه بما يصفه به الناس من جهلة وعقال.