صرعات لا قيمة لها
د. فاتح عبدالسلام
غزت العراق ما يسمى بمنظمات المجتمع المدني ما بعد العام ٢٠٠٣، وحملت عناوين براقة ورفعت شعارات وهّاجة، وتلقت مبالغ سخية في زمن الاحتلال الأمريكي، واسهمت دول وأحزاب وشخصيات في دعم تلك المنظمات التي انتهت اغلبيتها الى لا شيء وطواها الزمن، وتحول بعضها الى واجهات معيبة في سلوكها المبتذل. مجالات الاسترزاق السياسي كثيرة في العراق، وكانت هذه المنظمات مجالا واسعاً لمهنة لا يعرف أصحابها كيف يعلمون وماهي أهدافهم وكيف يجب أن تكون العلاقة مع المجتمع الذي يحملون اسمه في عناوينهم. فضلا عن انها مهنة لا تخضع لحساب وكتاب ورقابة مالية او إدارية. نسمع بمنظمة تظهر هنا وتختفي قبل ان نعرف ماذا أرادت أن تعمل. لا بدّ من الإشارة الى انّ المجتمعات الديمقراطية تهتم بمنظمات المجتمع المدني لأنّها هي ذاتها تقدم العون للناس معنويا وماديا، ويستند عملها على استقطاب الخبرات في المجتمع وإعادة ضخ الفائدة في مجالات ذات طبيعة تعاونية وخيرية دائماً. المؤسف انّه جرى في العراق توظيف بعض العناوين الاجتماعية للتعبئة السياسية لاسيما في المواسم الانتخابية. نحتاج الى تشريعات واضحة تحدد مواصفات منظمات المجتمع المدني وطبيعة مهامها ومصادر تمويلها وقيمة الدعم الحكومي السنوي لها مع مراقبة دورية لأنشطتها. كما ينبغي لأجهزة الاعلام أن يعنى بمراقبة هذه الأنشطة عبر تسليط الضوء بشكل مستمر تبعا للتفاعل مع الاحداث .