الاولى نيوز / متابعة
نشرت صحيفة العرب اللندنية تقريراً عن زيارة اربعينية الامام الحسين قالت فيه ان اعداداً كبيرة من العراقيين يتوجهون كل عام مشياً على الاقدام لزيارة مرقده قاطعين مئات الكيلومترات غير ابهين لطول المسافة فيما اشارت الى ان اصحاب المواكب التي تنتشر على طول الطريق عبروا عن رفضهم اية مساعدة من السياسيين مبررين ذلك بجملة اسباب.
وتقول الصحيفة في تقريرها ” يسير الرجال والنساء والأطفال في طوابير طويلة يغطيهم السواد، والرايات المرسوم عليها وجوه، وكتابات تمجد ثورة الحسين واستشهاده، وعلى وجوههم تقرأ بؤس الحياة، وفقر ما يعيشونه ، أرامل فقدن الأزواج في الحروب الكثيرة، ورجال فقدوا أطرافهم يزحفون على أسفلت الشارع، طلبا للثواب من الله ومغفرة الذنوب”.
وتضيف ان من بين السائرين ايضاً ” اطفال يعانون من أمراض خطيرة فقد أهلهم الأمل في شفائهم بسبب تخلف الخدمات الصحية في البلاد، وبسبب هروب معظم الأطباء الأخصائيين من البلاد خوفا من التهديد بالخطف أو القتل على الهوية أو القتل بدافع الانتقام لموت أحد الأقرباء في عملية جراحية أو لاعتقاد خاطئ بأنّ الطبيب له يد في وفاة المريض. يسير هؤلاء الأطفال ونظراتهم زائغة في الأفق في مقدمة المواكب طلبا للشفاء من الله ببركات الحسين الشهيد”.
وتنقل عن “المشاية” ويدعى كرار (22 سنة) من مدينة بغداد الجديدة وينتمي إلى موكب الحسين الشهيد، “أمشي في هذا الموكب للسنة الرابعة، وأجد المتعة في ذلك كوني أشارك الناس في أحزانهم، وأنفس عن غضبي وحسرتي وقلة حيلتي تجاه حياتي، فلا أمل لي في الحصول على عمل بعد أن أكملت دراستي في معهد التكنولوجيا، وتخرجت خراط مكائن، ولكن لا الدولة مهتمة بتعييني، ولا القطاع الخاص يقبل أن يشغلني لأنني لا أملك الخبرة العملية اللازمة كما يقولون”.
ويتنهد الشاب كرار بحسرة عميقة مضيفا “البعض ممن أعرفهم أعطوا لنائبة معروفة دفترا (10 آلاف دولار)، وحصلوا على وظائف في الدولة، وبعضهم الآخر اشتغلوا في غير تخصصاتهم بالواسطة، وأنا أمشي إلى ضريح الحسين عسى أن يحل الله لي مشكلة التعيين وأحصل على وظيفة كبقية الشباب لأعيش حياتي وأساعد والدي الضرير”.
طلب المعجزة
وتقول الصحيفة في تقريرها ” تسير أم سجاد (50 سنة) مع الموكب ملفوفة بالسواد الذي يشبه قصتها الحزينة، لكن المرأة لم تفقد الأمل بعد، فقد فقدت ابنها سجاد (19 سنة) في مجزرة سبايكر سنة 2014 والتي أعدم فيها الدواعش أكثر من 1700 طالب من القوة الجوية العراقية من الطائفة الشيعية في محافظة صلاح الدين”.
وتنقل عنها العرب قولها “أنا ذاهبة لأرى ابني سجاد، هذه المرة الثالثة التي أمشي فيها لأبي عبدالله، وفي كل مرة أرى ولدي سجاد بين جموع المشَّاية، وأحاول أن ألحق به، ولكنه شاب يسير أسرع مني، ولا أستطيع أن ألحق به.. ولدي سجاد لم يمت، ولم يجلب أحد جثمانه، ولا أزال أعتقد أنّه نجا من المجزرة، وهو وحيدي، وليس عندي غيره، وأبوه توفى بعد عام على حادثة فقدان ابنه. كنت أعد العدة لتزويجه، لكنه الآن في مكان ما لا أعرفه، وببركات الزيارة سأراه وأعرف أين يقيم، وهذه السنة سألحق به ولن أتركه يضيع مني وسط الجموع مرة أخرى”.
وتنقل ايضاً عن الحاج محمد الحمراني (65 سنة) وقد بدا العجز والتعب عليه، وهو يحاول أن يضبط إيقاع مشيته العرجاء مع سير موكب الشباب، وعكازه ينتقل مع كل خطوة إلى الأمام، “لدي عجز كلوي، وآلام في ركبتي، وأنا أسير إلى ضريح الإمام عسى الله يمنحني الشفاء. أنا أواسي رسول الله باستشهاد حفيده، وأسأل الله أن يخفف عني أمراضي وأوجاعي، وأسير طوال النهار طلبا لمعجزة الشفاء، لكنني أتوقف وقت الغداء في أقرب حسينية لأتناول الغداء، وأرتاح قليلا قبل أن أواصل المشي من جديد إلى أذان المغرب، فأتوقف في أحد مخيمات إيواء الزائرين، وأنام إلى صباح اليوم التالي، لأواصل المسير باتجاه كربلاء”.
وتنشر الصحيفة معلومات عن طريق الزائرين ” المسافة التي يقطعها الزائرون من بغداد إلى كربلاء 105 كم، وتستغرق بالسيارة ساعة وعشر دقائق تقريبا، ولكن المشَّاية يقطعونها في يومين أو ثلاثة أيام، ويمرون بمدينة المحمودية، وبعد ذلك بمنطقة جرف الصخر ، والمشّاية القادمون من البصرة والمتجهون صوب كربلاء يقطعون أكثر من 500 كم، وتستغرق الرحلة بالسيارة أكثر من 5 ساعات ويقطعها المشَّاية خلال 10 أيام أو أكثر، وتمر بمدينة الناصرية، والسماوة، والحلة ثم كربلاء. وتعتبر هذه المناطق ذات غالبية شيعية، ولكن مخاطر كثيرة تهدد الزائرين بسبب الحدود الصحراوية، خصوصا في منطقة الناصرية، التي تعرضت مطاعم طريق المسافرين السريع فيها قبل شهور قليلة إلى عملية إرهابية راح ضحيتها المئات من القتلى والجرحى من المسافرين العراقيين والإيرانيين”.
اصحاب المواكب يرفضون اموال السياسيين
وتنقل الصحيفة ايضاً عن الحاج مزبان خنجر صاحب مضافة الحمزة قرب الحلة “نحن نقوم بخدمة الزائرين، ونقدم لهم وجبتي طعام، الفطور والغداء، وكذلك نوفر لهم السكن في إحدى دور المتبرعين. ونقوم في المساء بجمع الزائرين والزائرات، الذين يرغبون في المبيت في ضيافتنا، فتبيت النساء في بيوت تخدمها نساء متطوعات لخدمة الزيارة الأربعينية، والرجال في بيوت أخرى يخدمها الرجال، وفي الصباح يقدم لهم الفطور ليواصلوا مشيهم باتجاه ضريح سيد الشهداء الحسين”.
ويقول خنجر عمن يمول مضافته أو بيوت خدمة الزائرين التي يرعاها، “نحن رفضنا أي تمويل من أي سياسي أو من يعمل في حزب ما، وما ننفقه هو من مالنا الحلال في سبيل الله، ومواساة لرسول الله في مصاب حفيده الحسين، وهناك مضافات تمول من سياسيين وأحزاب دينية، لأجل غرض الدنيا والسمعة الطيبة، وطلبا للثواب، فالسياسي الفاسد، مهما بالغ في إكرامه للزائرين في هذه المناسبة فهو يعرف أنَّه ليس إلا منافقا، ولا يقبل منه عمله، لا الله ولا الناس، فالحلال بين والحرام بين والعاقبة للمتقين”.
حماية الزائرين اولوية قصوى
يقول النقيب ساجت بخيت من قوات الشرطة الاتحادية وفقاً للعرب، ” إنّه، وبمعيته مفرزة من الشرطة المحلية المنتشرة على طريق الناصرية-السماوة يقومون بحماية الزائرين، ومنع أي مخاطر عنهم، كما أنَّهم حددوا نقاطا لتجمع من يتيه من الزائرين كبارا أو أطفالا عن جماعاتهم، وحددوا أعمدة الكهرباء كنقاط دالة تم ترقيمها لمعرفة الموقع الصحيح لغرض جمع شمل التائهين”.
وتحدث المعاون الطبي أمجد حاكم للصحيفة عن الوضع الصحي للزائرين، وما يتم تقديمه للمشاية من علاج في الحالات الطارئة، “أغلب من يراجع نقطتنا الصحية، التي أقمناها على الطريق، يأتي بسبب انخفاض الضغط جراء فقدان السوائل بسبب الإسهال أو التعرق الشديد الناجم عن حرارة الجو ومجهود المشي، أو عن ارتفاع ضغط الدم بالنسبة لكبار السن. وعالجنا حالات من التشنج العضلي في القدمين والساقين والرقبة. وأحلنا إلى المستشفيات في المدن القريبة كالناصرية أو البصرة الحالات المستعجلة التي تحتاج عمليات جراحية كالزائدة الدودية أو الذبحة الصدرية، والجلطات الدموية”.
ويضيف حاكم “الأدوية والعلاجات التي نقدمها بسيطة، وأغلبها مسكنات، فنحن فرقة للطوارئ أي فرقة تساعد المريض على تحمل إصابته، حتى يصل إلى المستشفى، ويشرف على علاجه طبيب، وجميع خدماتنا للناس مجانية”.