شريعة القتل أم قتل الشريعة؟
عدنان نعمة سلمان
كانت الشريعة الإسلامية وما تزال ، الملهم الحقيقي لبناء الذات الإنسانية السوية على وفق مبادئها السمحاء التي جعلت من الأمم والقبائل والشعوب الباحثة عن الحق والعدل والسلم والحياة الحرة الكريمة أن تفهم روحها وتعتنقها ةتدافع عنها عبر دعم كل سلطان وقائد وخليفة وزعيم يعمل على وفق روحها وأهدافها ومبادئها التي غزت العالم فوصلت إلى أوربا والصين ، في الوقت الذي كان فيه هذا العالم يبحث عن القشة التي يمكن أن يتعلق بها لإنقاذ حياته من ويلات جعلها حكامها ومتنفذيها مرّة ودامية ومؤلمة وقاسية تنتهج شريعة الغاب التي كانت تطبق في تلك الأصقاع والتي تنتصر للقوي على الضعيف وتأخذ من الجائع لتزيد تخمة الغني الشبعان كما كان متبعا في أوربا حين كانت الكنيسة هي الحاكمة المطلقة والمتحكمة بأرواح وأحوال وأرزاق العامة من الناس الفقراء جدا ..
وعندما حاول البعض من المستشرقين والمغتربين أو أصحاب النوايا السيئة الذين وجدوا بان شريعة الإسلام إذا ما قيض لها أن تتسع فان شرائعهم وسياساتهم الأخرى سواءا الوضعية منها أو تلك التي حملتها الرسالة الإسلامية كآخر الأديان بآخر الأنبياء والمرسلين محمد الأمين ( ص ) قد بدأت تتلمس مكامن خطر زوال وانحسار أنظمتها الظلامية الظالمة ، فتحركوا في محاولات بائسة لتشويه الدين الجديد بأي شكل وبمختلف الطرق والوسائل القمعية يمكن أن تبث في أوصال من يريد فهمها والإيمان بها أو التقرب منها لمعرفتها عن كثب وزرع الخوف في قلوب هؤلاء من أن تكون هذه الشريعة السماوية الإسلامية الجديدة مجرد أقوال لا تتفق مع الأفعال التي حاول هؤلاء إلصاقها بالإسلام وشريعته وأهدافه ومبتغاه معتمدين أول الأمر بادعاء إن انتشارها قد جاء بقوة السيف لا بقوة المنطق والإقناع والفعل الإنساني المتطور عما اعتادوه من سياسات وتصرفات ظالمة وإجرامية ..
حركات هدامةفكانت الحركات الهدامة التي حاولت ادعاء إسلامها هي أول الحركات والتجمعات والمذاهب التي أرادت أن تنخر الإسلام وشريعته ومبادئه من الداخل ، فولدت الحركات والمذاهب والتوجهات المتطرفة وخاصة التكفيرية منها والبهائية والماسونية لتأكيد الادعاءات السابقة عن قوة السيف لا قوة المنطق والحكمة والإقناع والحكم العقلاني الإنساني المتطور المسالم المبدع ..
معرفة كاملةوبما أننا لسنا من الضالعين في علوم الدين والفقه والشريعة وتفاصيلها ، فإننا لا ندّعي لأنفسنا المعرفة الكاملة بهذا الجانب ، غير أن إحساسنا بإنسانية ديننا وسماحته وعفته المطلقة عن الدم وحرمة الجسد وقيمة الروح الإنسانية والحياة التي هي هبة الله سبحانه وتعالى للأرض والإنسان ، فإننا يمكن أن نكون واعين لهذه الأمور بين ما كان عليه الإنسان قبل الإسلام وبعده على وفق ما نتلمسه من حقائق الالتزام بالشريعة والدين والقرآن الذي هو دستور الحياة الإنسانية الجديدة ودستور المسلمين الحقيقيين ، وواعون لما يمكن أن يتعارض مع هذا الالتزام من قبل من يدّعون العمل تحت رايته وعلى وفق عقيدته كذبا وبهتانا..
إن ما يحدث اليوم من إرهاب مختلف الأشكال والأهداف والأساليب والهويات على ارض عراق ما بعد الاحتلال بشكل خاص وعلى الأرض العربية والإسلامية بشكل عام لا يمكن النظر إليه إلا كمحاولات مدروسة وممنهجة وتتابعية لتشريع القتل الذي قد يفضي لدى الضالعين والمنفذين والمخططين لهذا الأمر وعلى وفق قناعاتهم الرمادية إلى قتل روح الشريعة الإسلامية الحقيقية أو تجريحها وتشويهها وطرحها على العقل الإنساني في أي مكان في العالم على أنها شريعة شرسة ودموية لا تحترم آدمية الإنسان ولا روحه أو حياته أو ماله أو عرضه او حقه في العيش الآمن المستقر المسالم ..
والصورة على وفق هذه الرؤية المبسطة هي صورة مشوهة صَرَفَ عليها مريديها ورعاتها من ذوي الأهداف والنوايا المعادية الكثير الكثير من الأموال والوقت والجهود والأفكار والخطط محاولين أن لا تبدو مقترنة بفترة زمنية محددة او مكان محدد بل تمتد شمالا وجنوبا ومن الماضي إلى المستقبل بموجب ما يُمارس ضدها وباسمها في الحاضر من مآس وويلات ..!
ولقد وجد هؤلاء اليوم وبخاصة في فترة ما بعد الاحتلال الفرصة السانحة والكبيرة والمؤثرة لمتابعة تحقيق أهدافهم المسمومة والمغرضة هذه عن طريق الاستخدام الممنهج والمفرط للإعلام المعادي الذي ترعاه القوى والدول المناهضة للخطر الأخضر الذي هو الإسلام بعد تخلصها من الخطر الأحمر الذي كان يمثله الاتحاد السوفييتي السابق ، وكذلك من قبل قنوات عربية وإسلامية وعالمية انجرفت مع هذه الموجة أما لجهل مدقع للأهداف الخفية التي تقف وراء هذه المؤامرة الكبرى وإما على وفق شعار ( حشر مع الناس عيد ) لتحق…