شخصية العام والميزان المختل
د. فاتح عبدالسلام
في العالم ، تقاليد في اعلان اسم شخصية العام ، تقوم بها مجلات أو جمعيات أو منظمات شهيرة تستند الى سجل الإنجازات السياسية أو الاجتماعية أو الثقافية لإحدى الشخصيات التي تحظى بشهرة بارزة وبتوافق عالي النسبة من قبل الجمهور، غير ان هذا التقليد لم يعد يمتلك البريق ذاته الذي كان يتمتع به قبل ثلاثة أو أربعة عقود، ربّما لأن الأسماء العالمية البارزة كانت أكثر وضوحا في فاعليتها الإنسانية من دون هذا التشويش الذي تصنعه وسائل الاعلام المرئية المؤثرة، والتي من الممكن لها ان توجه الرأي العام، وربّما النُخب أيضاً نحو خيارات ليست حقيقية بالضرورة في تحديد اسم شخصية العام الأعوام تتوالى، وهناك حشد من الأسماء العالمية ذات الإمكانات التأثيرية الكبيرة، لكنها جميعا لم يعد لها تأثير ملموس على واقع الدول والمجتمعات. أغلبية تلك الأسماء من المشاهير تعمل من خلال شهرتها الشخصية ولن تنتقل الى مرحلة تكوين اللوبي الضاغط، وهي ترفع شعارات إنسانية في الوقوف مع المنكوبين والفقراء واللاجئين والنازحين عن ديارهم والمضطهدين في السجون بسبب آرائهم السياسية او انتماءاتهم الاثنية. وبرغم ذلك كله، لا يمكن رؤية أي أثر يتجاوز بعض الدعوات المعنوية في محافل عامة يحضرها سياسيون من غير أصحاب القرار غالباً، أو من خلال تبرعات شخصية عن تحقيق زيارة لمخيم منكوبين هنا وهناك، وهي أنشطة ذات طبيعة احتفائية وإعلامية لا تتناسب مع حجم التداعيات والانهيارات التي تصيب العالم كل يوم وليس كل شهر او سنة. في العراق مثلا، لا يمكن تسمية شخصية العام، لأن كل شيء يخضع لميزان التجاذبات والانحيازات السياسية، ولا يمكن النظر الى منجز اية شخصية الا من خلال انتمائها السياسي او الطائفي، حتى لو لم تكن تلك الشخصية مؤمنة بالسياسة او حكم الطوائف، فهي لامناص ،لابدّ أن يتم وضعها في ذلك الميزان المختل أصلاً ، وقِس على ذلك ما شئت في مجالات أخرى .