قبل أيام، كشفت صحيفة “زود دويتشه تسايتونغ” الألمانية النقاب عن وجود عدد كبير من المستندات الجديدة، والتي أُطلق عليها اسم “باراديس بيبرز” أو”أوراق الجنة”، تضم معلومات تفصيلية عن ملاذات ضريبية آمنة، تُخفي الثروات المملوكة لعدد من الشخصيات المشهورة في مجالات السياسة، والاقتصاد، والرياضة والترفيه. حيث حصلت الصحيفة الألمانية – بطريقة لم تفصح عنها – على وثائق مختلفة، اطلع عليها الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين، تتعلق بشركات وهمية أسستها شركة خدمات قانونية في برمودا (أحد أقاليم ما وراء البحار البريطانية)، تساعد الزبائن على إنشاء شركات استثمارية وهمية في ولايات قضائية بالخارج، مع معدلات ضريبية منخفضة أو منعدمة، تحت إشراف شركة راعية في سنغافورة. وبحسب التحقيق الصحفي الذي قامت به صحيفة “زود دويتشه تسايتونغ” بالاشتراك مع محطتي (NDR) و(WDR) الألمانيتين، وانضم له حوالي 100 وسيلة إعلام من ضمنها “الجارديان وبي بي سي ونيويورك تايمز”، فإن هذه الأوراق تضم 13.4 مليون وثيقة من ملاذات ضريبية على مستوى العالم، تضمنت أسماء أكثر من 120 سياسيًّا من نحو 50 دولة، بالإضافة إلى رجال أعمال ورياضيين وفنانين. كما ضمت الأوراق معلومات عن ممارسات تجارية لبعض الشركات متعددة الجنسيات، وسجلات شركات لـ19ملاذًا ضريبيًا، وتعد هذه الوثائق هي التسرب الأكبر – حتى الآن – في التاريخ. وعبر موقعه الرسمي، كشف “الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين” (ICIJ)، عن أسماء بعض الشخصيات التي استعانت بخدمات تلك الشركات القانونية، لتأسيس شركات “أوف شور” في الملاذات الضريبية، ومن بينها أسماء لشخصيات عربية نافذة. ونوه الموقع في رسالة منفصلة، تظهر قبل السماح بالاطلاع على قاعدة البيانات، أن ورود اسم أية شخصية في تلك التسريبات والوثائق لا يعني بالضرورة أنه قام بارتكاب أي فعل غير صحيح أو خرق قانوني؛ حيث إن بعض خدمات ما وراء البحار سليمة قانونيًا ومشروعة. مطالبًا زوار الموقع في حال وجود أي خطأ بقاعدة البيانات، أو تعارض بين الاسم المذكور وصفته ومنصبه، أن يقوموا بالإبلاغ عن ذلك عبر هذا الإيميل. وأكد موقع الصحفيين الاستقصائيين أن تسريبات أوراق الجنة، تعد استكمالًا للتسريبات السابقة التي قام بالتحقيق فيها، والتي بدأت في كانون الثاني عام 2014، مرورًا بتسريبات بنما، وتسريبات جزر البهاما، وانتهاءً بـ”أوراق الجنة” التي تم الكشف عنها في 5 تشرين الثاني الجاري، وأن الأسماء المنشورة حاليًا ليست فقط الموجودة في الوثائق، وأنه خلال الأيام القادمة سيتم إضافة أسماء جديدة تباعًا. وبحسب موقع “درج” (daraj)، أحد الشركاء في التحقيق الصحفي القائم، فإن بعض الشخصيات العربية النافذة، مثل حاكم دبي: محمد بن راشد آل مكتوم، وولي عهد أبو ظبي: محمد بن زايد، ونائب رئيس المخابرات العامة السعودية السابق الأمير: سعود بن فهد بن عبد العزيز، ووزير المالية العماني: درويش بن اسماعيل البلوشي، ونائب أمير قطر: عبد الله بن حمد آل ثاني، وردت أسماؤهم في تسريبات أوراق الجنة. بيد أن موقع الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين (ICIJ)، لم يقم بنشر كل الأسماء الواردة في الملفات حتى الآن، وسيقوم بتحديث الأسماء تباعًا. وبجانب الشخصيات الأجنبية ورؤساء الدول الأجانب الذين وردت أسماؤهم في تسريبات أوراق الجنة، والتي كان من بينها الملكة إليزابيث الثانية، ووزير التجارة في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وممولي الحملة الانتخابية لرئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، وصهر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين؛ وردت أسماء شيوخ عرب، وأمراء، ووزراء حاليين وسابقين، ورجال أعمال استعانوا بخدمات تلك الشركات القانونية، لتأسيس شركات “أوف شور” في الملاذات الضريبية، أبرزهم: الملكة نور الحسين – الأردن ملكة الأردن السابقة وقرينة العاهل الأردني الراحل الملك الحسين، وأم ولي العهد السابق الأمير حمزة بن الحسين، ورد اسمها في تسريبات أوراق الجنة، من ضمن الشخصيات العربية النافذة التي استعانت بخدمات شركة “أبلباي” القانونية. وذُكر في الوثائق أن الملكة السابقة واحدة من اثنين، من المستفيدين من شركة سوقية كبيرة (trust) في جيرسي، وفقًا لوثيقة مؤرخة في تشرين الأول عام 2015، وتُظهر الملفات المسربة أن حجم هذه الشركة كان يقدر في 2015 بـ40 مليون دولار، تُدفع عوائدها للملكة السابقة طوال حياتها، كما أن هذه الشركة السوقية تمتلك عقارات في جنوب إنجلترا، تقيم فيها الملكة مقابل الحفاظ عليها. ووفقًا لوثائق “أبلباي” المسربة، فإن الملكة هي المالك المستفيد من شركة استثمار وهمية أخرى في جيرسي، كانت أصولها تقدر بـ18.7 مليون دولار في عام 2015.
الأمير خالد بن سلطان بن عبد العزيز آل سعود – المملكة العربية السعودية نائب وزير الدفاع السابق، والرئيس الشرفي لنادي الشباب السعودي، الأمير خالد بن سلطان بن عبد العزيز، ظهر اسمه في وثائق “أبلباي” كمستفيد من أكرون تراست ومينستريل تراست، منذ التسعينات وبداية الألفية الجديدة. وقام الأمير السعودي بإنشاء ما لا يقل عن ثماني شركات في برمودا، تستخدم في بيع وشراء اليخوت والطائرات. وتجدر الإشارة إلى أن شركة أكتايون المحدودة والمملوكة للأمير، والتي تتخذ من برمودا مقرًا لها، تمتلك وتشرف على تشغيل يخت ضخم قُدرت أصوله عام 1997 بـ51 مليون دولار.
رامي مخلوف – سوريا الرجل الأغنى في سوريا وابن عم الرئيس الحالي بشار الأسد، والذي ظهر اسمه في “وثائق بنما”، ظهر اسمه أيضًا في أوراق الجنة كشريك مؤسس لأربع شركات في لبنان، يعود تاريخ إنشائها للأعوام بين 2001 و2003، ولا تزال قائمة بحسب السجلات. ومن بين الشركات شركة “الشرق الأوسط للقانون”، وهي شركة “أوف شور”، تأسست عام 2001، ورد اسم “إيهاب مخلوف” شقيق رامي، وهو أحد المدرجين على لوائح العقوبات الغربية؛ بسبب صلته بنظام الأسد المتهم بجرائم حرب. ووصفت ثلاث شركات من الأربعة الواردة في الوثائق، بأنها شركات قابضة للاستثمار، وشركة واحدة للخدمات القانونية تعمل خارج لبنان؛ مما يوحي بأن هذه الشركات تُستخدم كواجهة لغسيل أموال النظام السوري في لبنان.
مضر شوكت – العراق أظهرت رسائل إلكترونية مسربة ضمن وثائق أوراق الجنة طلب الأمين العام لجبهة الخلاص، والبرلماني السابق المعارض لنظام صدام حسين، مضر شوكت، من شركة الخدمات القانونية “أبلباي” عام 2008 الاحتفاظ بحوالي 140 مليون دولار من عائدات بيع أسهم “شوكاتس” في مشروع مشترك مع شركة اتصالات كويتية، ورفضت شركة المحاماة هذا الطلب وقتها، ثم عادت وقبلته في وقت لاحق من عام 2008. وأنشأت شركة أبلباي لعائلة “مضر شوكت”، شركة استثمار وهمية تحت اسم “باسيون جروب تراست”، وسجلت ثلاث شركات تابعة لها في جزر فيرجن البريطانية في عامي 2008 و2011، وتم توصيف شوكت في وثائق أبلباي على أنه الوصي (trustee) على نشاط الشركات وأرباحها، ومساهم بصورة محدودة. وأظهرت الملفات المسربة بتاريخ 2009، أن شوكت نقل أكثر من 30 مليون دولار لشركة باسيون جروب تراست، وإحدى الشركات التابعة لها، وتم تحويل بعضها إلى أسهم، وتظهر محاضر اجتماعات مجلس إدارة شركة باسيون جروب تراسن المحدودة، التي يرأسها شوكت، أن الشركة استثمرت من عام 2013 إلى عام 2016 في شركتين طبيتين، وأخرى وكيلة لسيارات بيجو في العراق، وبحسب الرسائل الإلكترونية الداخلية لشركة أبلباي في شباط 2016، فإن شركة باسيون تراست والشركات التابعة لها لا تزال قائمة.
حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني – قطر توضح الملفات أن رئيس الوزراء و وزير الخارجية ورئيس هيئة الاستثمار السابق “حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني” أنشأ في عام 2002 شركة في جزر فيرجن البريطانية وثلاث شركات في جزر الباهاما، ومن خلال هذه الشركات امتلك الشيخ حمد أسهم ومساحات رباط لليخوت والسفن في ميناء بالما مايوركا الإسباني، وقام بإدارة وتشغيل يخته “المرقاب”، والذي تبلغ قيمته 300 مليون دولار، ورأس إدارة هذه الشركات في 2004، ثم قام بتصفيتها بعد عدة سنوات.
وبحسب الوثائق المنشورة والتي يعود تاريخها إلى 2013، فإنه عندما بدأت دولة قطر بالاستثمار في لوكسمبورج، قام الشيخ حمد بإنشاء أربع شركات في بنما؛ لإدارة حسابات مصرفية تتبع الدوقية الأميرية القطرية الكبرى التي كان يملكها أمير قطر آنذاك “حمد بن خليفة آل ثاني”.