سيادة جوية أم سيادة أرضية؟
سيادة جوية أم سيادة أرضية؟د. فاتح عبدالسلام
في أي بلد يبدو المشهد ناشزاً إذا جرى التفكير بتطوير جانب واحد بحسب تقنيات متطورة في حين تعيش القطاعات الأخرى وضعا مزريا لا يعرف لغة مشتركة مع التطور. ما يجري الحديث عنه في طلب التعاقد لبناء منظومة رادارات متطورة للقوة الجوية العراقية، هو كلام لا يعطي صورة متقنة ووافية عن الحاجة للتطوير العسكري في البلد، إذ تبدو سياقات كثيرة بحاجة الى الدعم والبناء من الأساسيات، وهو أمر لابدّ من التداول الحقيقي بشأنه مع الجانب الأمريكي الذي سبق له أن حلّ الجيش العراقي بعد تدمير بنيته الداخلية. تحديث الجيش العراقي أمر أساسي ومهم وهو مطلب وطني لا يمكن الاستغناء عنه، لكن يجب أن تسبقه تشريعات تمنع وجود أي تكوين عسكري او شبه عسكري، أكثر أو أقل، من قوة الجيش، وأن تكون هناك سياقات لبناء الجيش من الأدنى فالأعلى، فليست المسألة تتعلق بامتلاك رادارات متطورة تتعامل مع الطائرات التي لا تمنعها من الاغارة والتجاوز على أجواء البلاد منظومات جوية أو سواها ،لأنَّ الملفات العالقة في الجانب الأمني بين العراق ودول أخرى غير منجزة أو معلقة أو ناقصة. فالطيران التركي مثلا سيظل يقصف أهدافاً لحزب العمال الكردستاني المحظور، يرى فيها تهديدا لتركيا مهما امتلكنا من رادارات راصدة، لأنه حزب أجنبي يعمل على ارض عراقية وسيجلب لنا المتاعب. وكذلك الطيران الأمريكي، اذا عبر اجواءنا في أي زمن من الازمان لن توقفه رادارات. اما إسرائيل التي لم تمنعها الرادارات الروسية المتطورة من الاغارة على أهدافها في سوريا فلن تجد صعوبة من تدمير هدف لفصيل موال لإيران او لحزب الله اللبناني عند حاجتها لذلك الهجوم. ولا حاجة لي لذكر ايران فهي مرفوع عنها القلم، وربما لا تحتاج للطيران في التعامل مع أي هدف تراه معاديا لها في العراق. المشهد الأمني والسيادي والعسكري لا يكتمل بوجود منظومة جوية متقدمة، تقابلها سياقات متردية في مجالات كثيرة في الجيش أو الامن أو الدبلوماسية أو الاقتصاد.