سمعة الجيش
فاتح عبد السلام
منذ سنوات طويلة، والمنظر لا يليق بسمعة الجيش العراقي ، اذ طفت على السطح صور ضباط كبار، وبعضهم قادة، في هيئات غارقة بالبدانة والكروش المتدلية. وهذه السمات لا تمت بصلة للعسكرية الحقيقية التي تراعي الحركة والرشاقة والنسق الرائع في الحركة والأداء الجماعي والفردي.
هناك محافظون او سياسيون تمشي كروشهم امامهم ، فذلك امر آخر مرتبط بترهل الدولة المعروف قيمياً وسياسياً واخلاقياً، لكن الضبّاط لا يليق بهم هذا الوضع المترهل مطلقاً، وانَّ القرار الأخير لوزارة الدفاع في ربط ترقية الضباط باللياقة البدنية والوزن المثالي، هو المعالجة الصحيحة التي جاءت متأخرة عشرين سنة، لكنها مستحقة التطبيق اليوم، وليكن هناك خط شروع في إعادة المظهر اللائق للعسكري العراقي .لقد أساءت مجموعة من السياسيين الجهلة والمشكوك بتركيبة عقولهم وضمائرهم حين اندمجوا مع قوات الاحتلال الأمريكي في الأيام الأولى للغزو في الترويج لصورة الجندي العراقي الذليل، والضابط المهزوم الذي يسير حافياً يستجدي نيل شربة ماء راكعا أمام بساطيل المحتلين، وعدّها السياسيون القشامر نيلاً من معنويات النظام السابق غيرعابئين بحقيقة انّ الجيش العراقي قائم بوضعه وسمعته وانجازاته قبل ذلك النظام بعقود. كما انَّ حوادث لاحقة كثيرة نالت من سمعة الجيش العراقي ابان ما حدث في احتلال داعش المُدبّر بليلٍ إقليمي محلي لمدينة الموصل،وماجرى من تسليط الضوء على عسكريين يرمون خلفهم الملابس والرتب العسكرية مرتدين دشاديش وهاربين الى الضواحي.
وهي ليست صورة الجيش العراقي الحقيقية بالرغم من حدوث ذلك ظرفياً، لأنّ القيادات السياسية في الزمَنين زجّت هذا الجيش في المعارك الخطأ وأصدرت له الأوامر الكافرة بكل العقائد العسكرية ،في الحركة والانسحاب والقتال في التوقيتات القاتلة. أعجبني ما سمعته من آمر الكلية العسكرية ببغداد عن النوعية الراقية ،عالية القيمة والهمّة، للتحية العسكرية التي يجب أن يؤديها الضابط من أول يوم يشد فيه الرتبة على كتفيه، فتلك سمعة ومسؤولية وإرث.
هناك أدوار عسكرية متعددة لجهات مختلفة، لكن ليس لأحد أن يكون بديلاً للجيش العراقي الذي إن لم تُقدسه فتوى، فقد قدّسته دماءُ الشهداء من فلسطين الى الفاو، وكذلك تاريخه البطولي العريق في الدفاع عن التراب الوطني.