سر استقالة “صهر” أردوغان.. وكيف حاول الرئيس ترضيته
كشفت مصادر في حزب الحركة القومية المعارض، حليف “العدالة والتنمية” الحاكم، عن أسباب استقالة وزير المالية، براءت ألبيرق، من منصبه.
ووفق ما ذكره الموقع الإلكتروني لصحيفة “جمهورييت” المعارضة، الأحد، نقلًا عن مصادر لم يسمها داخل الحزب المعارض، فإن الاستقالة جاءت بناء على توصية من بولنت أرينتش، نائب رئيس الوزراء الأسبق.
وذكرت المصادر أن بولنت أرينتش، المتحدث الأسبق باسم الحزب الحاكم، عضو المجلس الاستشاري الحالي برئاسة الجمهورية، التقى أردوغان مؤخرًا، وشدد له على أن بقاء ألبيرق في منصبه سيدفع ما بين 30 إلى 40 نائبا برلمانيا عن الحزب إلى الاستقالة والانضمام لحزب “الديمقراطية والتقدم” المعارض بزعامة، علي باباجان، نائب رئيس الوزراء الأسبق.
وبعد وصية أرينتش لأردوغان، قام الأخير بإصدار تعليمات لوزير الداخلية، سليمان صويلو، ليبحث حقيقة ما قاله أرينتش، ليؤكد له الوزير صحة تلك المعلومات، بحسب المصادر.
وبعد ذلك عقد أردوغان لقاءً مع نواب البرلمان، وأدرك خطورة الوضع، لا سيما بعد إصرارهم على الاستقالة حال بقاء الوزير ألبيرق.
وعقب ذلك عقد أردوغان لقاءً مع صهره وأوصل له رسالة مفادها أنه من الأفضل الاستقالة من منصبه، لوأد الانشقاقات التي قد تحدث حال استمراره.
الاقتصاد يعاني
وكان بولنت أرينتش، قد أدلى الأحد بتصريحات تلفزيونية انتقد فيها مزاعم ألبيرق بأنه لا توجد أية أزمة في الاقتصاد، وقال ردًا على ذلك “بالتأكيد هناك أزمات كبيرة في الاقتصاد”.
وأوضح عضو المجلس الاستشاري الأعلى أنه حذّر وزير الخزانة والمالية “بخصوص ما يعانيه الاقتصاد من نكبات نراها جميعًا ولا ينكرها أحد، سوى ألبيرق الذي ذهب إلى القول بأن ما يراه الاقتصاد عبارة عن حالة نفسية وهاجس لدى المواطنين”.
واستطرد أرينتش في تصريحاته قائلا: “المهم الإقرار بوجود أزمة وليس إنكارها، والعمل على حلها والقضاء عليها”، مضيفًا: “لا سيما أن هذه أزمة كبيرة لكن مع هذا يمكن تخطيها”.
رواية أخرى
وثمة رواية أخرى حول الاستقالة، ساقها أردل صاغلام، الكاتب بصحيفة “جمهورييت”، والتي قال فيها إن الوزير ألبيرق لم يكن لديه خبر بتعيين ناجي آغبال رئيسًا للبنك المركزي، خلفًا لرئيسه المقال، مراد أويصال.
وأشار الكاتب إلى أن هذا الموقف أدى إلى ظهور حدوث نقاش حاد بين أردوغان وصهره، ترتبت عليه الاستقالة.
بدورها، قالت صحيفة “برغون” المعارضة إن أردوغان عرض على صهره تولي منصب نائب الرئيس مقابل خروجه من وزارته، إلا أن البيرق رفض المنصب، وأصر على تقديم استقالته، والبعد عن العمل السياسي،
وأشارت إلى أن خلافات نشبت بين ألبيرق وأردوغان بعد إقصائه عن المشاركة في تدشين السياسات النقدية لتركيا، فيما أراد الرئيس التركي إرضاء صهره بمنصب نائب الرئيس، مقابل خروجه من وزارة المالية، وهذا ما رفضه الوزير.
ردود أفعال
وفي سياق ردود الأفعال على الاستقالة، نشر فائق أوزتراق، متحدث حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، تغريدة علّق فيها على استقالة الوزير.
وقال أوزتراق: “الاقتصاد التركي في أزمة، والخلافات العائلية (في إشارة لأردوغان وصهره) تزيد من معاناة الأوضاع الاقتصادية، والشعب التركي ليس مضطرًا ليعاني من نزوات نظام الرجل الواحد”.
حزب العدالة والتنمية علق على استقالة ألبيرق، حيث قال نائبه عن مدينة إسطنبول، محمد موش، في تغريدة على “تويتر”: “الوزير ألبيرق تولى الوزارة في مرحلة صعبة، وعبر خطوات هامة من أجل اقتصاد وطني واقف على قدميه”.
استقالة وزير المالية كان لها نصيب كذلك من تغطية العديد من الصحف ووسائل الإعلام الأوروبية بكل من ألمانيا، والنمسا، وسويسرا، وهولندا، وفرنسا.
وفي هذا السياق، قالت شبكة “دويتش فيله” الألمانية، إن “الليرة التركية انهارت بشكل مأساوي خلال الأشهر القليلة الماضية، حتى أنها تراجعت الجمعة أمام الدولار الذي سجل 08.52 ليرة”.
وأضافت قائلة: “وانخفضت قيمة العملة منذ مطلع العام الجاري لأكثر من 30%، وبسبب هذه الأزمة تمت إقالة رئيس البنك المركزي (مراد أويصال)”، متابعة: “فالأسواق تخاف من التضخم المرتفع، والانخفاض الحاد في احتياطيات النقد الأجنبي، فالاقتصاد التركي على أعتاب أزمة كبيرة”.
وأشارت إلى أن استقالة الوزير جاءت على خلفية كل هذه التطورات التي وصلت لأبعاد خطيرة، على حد وصفها.
بدورها، تطرقت صحيفة “شتوتغارتر تسايتونغ” إلى الخبر، حيث ربطت الاستقالة بـ”انخفاض قيمة الليرة، وانخفاض احتياطيات النقد الأجنبي، والأزمة الطاحنة التي بات الاقتصاد على مشارفها”، وهذا ما ذهبت إليه العديد من الصحف في فرنسا وسويسرا، وبلدان أوروبية أخرى.
استقالة متوقعة
وفي وقت سابق الأحد، أعلن ألبيرق استقالته عبر حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي “انستقرام”.
وقال الوزير في بيان الاستقالة: “قررت عدم مواصلة العمل في منصبي الذي تسلمته قبل 5 سنوات لأسباب صحية”.
وأضاف: “سأخصص المرحلة المقبلة لزوجتي وأطفالي وأبي وأمي الذين أهملتهم منذ فترة، ولم يحرموني من دعمهم”.
وعقب استقالة الوزير عبر انستقرام، قام على حسابه الرسمي بموقع “تويتر” بمسح كافة المنشورات التي نشرت على مدار الأشهر الأخيرة.
جدير بالذكر أن ألبيرق كان قد دخل البرلمان التركي نائبًا عن حزب العدالة والتنمية، الحاكم في انتخابات العام 2015، وتولى منصب وزير الطاقة والموارد الطبيعية في الحكومة الـ64 التي تشكلت برئاسة رئيس الوزراء الأسبق، أحمد داود أوغلو، عقب الانتخابات المبكرة التي جرت في 1 نوفمبر/تشرين الثاني من نفس العام.
وفي الحكومة الـ65 برئاسة رئيس الوزراء السابق، بن علي يلدريم، استمر في نفس الوزارة.
وفي الحكومة الـ66 التي تشكلت بعد انتخابات العام 2018، التي جاءت بعد قبول النظام الرئاسي الذي أقر في الاستفتاء الدستوري عام 2017، تولى حقيبة الخزانة والمالية.
استقالة مثيرة للجدل
الإعلان الذي سلطت الضوء عليه العديد من وسائل الإعلام المحلية، خلق حالة من الجدل في صفوف متابعي وسائل التواصل الاجتماعي.
الموقع الإخباري التركي “أوضه تي في”، علق على تلك الاستقالة قائلا “هل استقال وزير المالية أم أن حسابه على انستقرام تعرض لاختراق، الشعب يتساءل”.
وأوضح الموقع أن مذيعة بقناة “تي آر تي” الرسمية الحكومية، نشرت تغريدة تضمنت خبر استقالة الوزير التي جاءت بعد انهيارات كبيرة في قيمة العملة المحلية الليرة، وتراجع كبير للأوضاع الاقتصادية.
الاولى نيوز- متابعة