زيارة ذاتية!!
د. صادق السامرائي
هل يستطيع المخلوق أن يزور ذاته , ويجالس ما فيها ويعايش نفسه , أم أنه في إزورار وهرب وإنكار , وخوف من المواجهة والصراحة والإعتبار؟
قلة من المخلوقات بأنواعها لديها طاقة المواجهة , والتفاعل مع الحقيقة الضاربة الفاعلة في كيان الذات ومدارات العناء.
وربما لا يوجد مَن لديهم الهمة والعزيمة وقدرات الثيات على التحدي , والرقاء التواصلي مع منطلقات الحقيقة المريرة الصارخة القاسية.
الحقيقة عندما يقف المخلوق أمامها يرتعب وينتفض , ويهرب إلى ميادين السراب والضلال , ويتمتع بالثمول فيها والخمود في مرابعها , لكي يمضي مخترقا حواجز الخوف والإتلاف الدائب في كيانه وما يتصل به وحولة.
فكأن الحياة لعبة زمنية , ودمية ترابية , وكل ما فيها تجذبه طاقات التراب , وتفرغه من روحها , وتسكنه تفاعلات وجوده وتمحق معالمه , وتلغي مسيرته التي أفنى ذاته المتخفية فيها.
ولهذا فأن المخلوق الحي خصوصا , قد لا يجرؤ على زيارة ذاته ومجالستها , وإنما الهرب منها هو ديدنه , والعمل بعيدا عنها مذهبه , ويتوهم أحيانا بأنه إذا داهم ذاتا أخرى سيتحكم بذاته.
وما هي إلا حركة مضطربة في دائرة مفرغة من التداخلات الإمحاقية الفائقة المعطيات .