زخم المبادرة .. وحقيقة الحوار
زخم المبادرة .. وحقيقة الحوار مازن صاحب
كما هي العادة ارتفعت نظرية المؤامرة في التعامل الاعلامي من خلال المقالات والتعليقات في كروبات التواصل الاجتماعي حول النتائج المتوخاة من زيارة الحبر الاعظم .. ما بين عمق كلماته التي وصفت المرجع الاعلى السيد السيستاني بالحكمة والإنسانية ..مقابل تحذيرات من مخطط ماسوني جديد في التعامل مع فكرة الديانات الإبراهيمية .. واعتقد من المهم والمفيد توضيح بعض الواضحات في هذا السياق واستلزم القول : اولا : اي وصف للسيد السيستاني ربما لا يكفيه حقه الإنساني وصدور تلك الكلمات من الحبر الاعظم ..دلالة حية بقيمة المقارنة.. فمثل هذه الأوصاف أطلقت من شخصيات معروفة مثل الاخضر الإبراهيمي مبعوث الأمم المتحدة إلى العراق بعد الاحتلال الامريكي .. وغيره من الشخصيات الاكاديمية والمثقفة وزعامات دينية متعددة الأطراف زارت سماحته.. حتى بات التوصيف يتطابق مع الواصف ..لكن عدم الانسجام بين مواقف الاعتدال الإنساني لشخص المرجع الاعلى وما يطبق من قبل الإسلام السياسي الذي جعل ممثله في خطبة الجمعة يقول بحت اصواتنا من الدعوة للإصلاح .. تكفي لإظهار الفارق بين مواقف الرجل – القضية – وبين تطبيقات الاحزاب التي تتبجح جزافا بكونها تمثل خطه في الاعتدال الإنساني.. وشواهد ذلك كثيرة في واقعنا اليومي .خلاصة القول ..يبقى الرجل من وجهة نظري المتواضعة بحاجة الى الإنصاف الواقعي ليس فيما يقوله عنه الآخرون بل فيما يلتزم به اشياعه ممن يتمسحون بذيال كلماته من اجل حصد الأصوات في صناديق الاقتراع لصالح اللجان الاقتصادية لاحزابهم. ثانيا: لا اعرف لماذا يحاول البعض ربط زخم نتائج زيارة الحبر الاعظم للعراق وعودة هذا الوطن الجريح الى بؤرة تركيز الاعلام الدولي من جديد بنظرية المؤامرة الماسونية والتحذير من ظهور دين جديد بعنوان الديانة الإبراهيمية …. ولا أريد خوض التفاصيل في هذه الأسطر القليلة .. لكن الحقيقة الأساسية في محور الموضوع كله تتلخص في تلك الامكانيات التي وفرها زخم نتائج هذه الزيارة ومطلوب التفاعل معها لإنجاز حلول عراقية اولا واخيرا هدفها بقاء العراق وطن واحد لجميع العراقيين .. لذلك شجعت شخصيات برلمانية مسيحية من الظهور على شاشات التلفاز والحديث الصريح عن الحيف والغبن الذي لحق بهم وجعل اغلبية المسيحيين يغادرون وطنهم .. والمقارنة بين وصفهم بانهم اصل هذا الوطن ..وما يتم معاملتهم على عكس المنطق .. وهذا الموضوع لا يتعلق بهم فقط بل باغلبية صامتة تعزف عن المشاركة في الانتخابات.. لذلك مطلوب اليوم بقوة الجلوس للحوار الوطني ..واذا كان هناك من يجد ان مصطفى الكاظمي او برهم صالح غير جديرين بقيادة مثل هذا الحوار ..ليتصدى من يعتبرونه جديرا بهذا الحوار… اما التسليم بقذف كرة الاخطاء نحو الامام لعل وعسى يتحقق المطلوب في اجندات حزبية تلغي القاعدة المؤسساتية الدستورية لهوية المواطنة العراقية وفق القانون الوضعي لسيادة الدولة مقابل مفهومي البيعة والتقليد في هوية التكليف الشرعي .. فانها تلغي وجود الدولة وتستبدلها بحالة اللادولة والخضوع لاحكام ونفوذ دول اقليمية ومصالح ماسونيه تبقي العراق ساحة لتصفية الحسابات الدولية .وفق معايير المقارنة بين تشخيص اللحظة والرؤية المستقبلية ..لا أجد هناك ديانة ابراهيمية يمكن ان يتقبلها الانسان العراقي بكل هوياته الفرعية .. لكن من المفيد والمهم فهم فكرة الحوار بين الديانات الإبراهيمية.. فمثل هذا الحوار الروحي يحتاج الى ثوابت راسخة تجذب الاخر اليها وليس الطوفان في حالة انعدام الوزن معها .لذلك أجد من المهم ان تاخذ الكفاءات الاكاديمية والمثقفة المجتمعية دورها في إيضاح هذه الفواعل الناهضة بنبض الايمان الإنساني للرب الواحد الأحد.. بما يجعل نظرية المؤامرة بعيدة كل البعد عن التطبيقات الفعلية لاي برنامج متكامل للحوار الوطني العراقي اولا واخيرا .. ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!!