زبائن الساسة في العراق
د.نزار محمود
لكل ساسة بلد انماط من الزبائن. هذه القاعدة كانت قد سرت منذ القدم واثبتت صحتها، لا بل وان من لم يفقها من الساسة ما وصل الى كراسي الحكم والسلطة.
واذا كنت قد اسميتهم بالزبائن فإني لا أريد بالضرورة تشبيه عمل الساسة بالتجار التقليدين تماماً رغم انهم في تشابه معهم في نقاط كثيرة.ويتنوع هؤلاء الزبائن في صفاتهم وسجاياهم وقدراتهم، وذلك حسب وعيهم واخلاقياتهم وطبيعة الساسة أنفسهم والزمن الذين يعيشونه والبيئة التي ينشطون فيها.كما يتنوع الساسة تبعاً لذلك كذلك بخصائصهم ودرجات تقديراتهم الاجتماعية ومناقب ذكرهم.ولست متحاملاً اذا قلت ان ساسة العراق اليوم هم ممن لا يحملون كثيراً من شرف السياسة وقدراتها، وهو ما ينعكس بالطبع كذلك في زبائنهم.تعال معي أخي القارىء لنقف على زبائن ساسة عراق اليوم:
متسولي اكل عيش أو تجار مناصب ومكاسب وغنائم.مريدي مراجع وطوائف عرقية ودينية.مستعطفي وظائف وفرص عملمستنجدي عفو وتحسين سمعة وتزكية سياسية.وعند الفحص والتدقيق فإنك لن تجد في زبائن الساسة كثيراً ممن يحمل النية والقدرة والمنهاج على بناء وطن من خلال اختيار من هو الأنسب والأكفأ والأكثر ايماناً بوطنه من ساسة. ومما يزيد في الألم والاحباط أن من يبدأ مخلصاً، وهم القلة، سرعان ما ينتهي به الحال إما الى عجز وفشل، وإما الى تغير سلبي!
لقد شهدنا نحن جميع العراقيين وتفاءلنا في كل دورة انتخابية بأن هذه الدورة ستكون غير الدورات السابقة. منهم من يتحدث عن دماء جديدة، في الرؤى والقدرات والاخلاص، ومنهم من يتحدث بأن زمن الفساد والخنوع والعمالة قد ولى.
نفرح وننتظر، ويطول الانتظار، فلا نرى طحناً رغم الضجيج!يا سادتي، ليست العلة أساساً في ساستنا، بل هي في الناخبين من زبائن، وقبل هذا وذاك في اخلاقيات الوعي السياسي التي تحكم مواقفنا وسلوكياتنا، وتحدد استعداداتنا للتضحية والتغيير.