رُفعَت الأقلامُ وجفّت الصحف
د. فاتح عبدالسلام
الخلافات لا تعدو أن تكون محصورة بين أحزاب معينة، بينها منذ زمان طويل، ضغائن قديمة وربّما ثارات سياسية، لذلك يبدو المشهد العام ما بعد الانتخابات العراقية مشدوداً الى خيوط القلق وتصوير الاعتراضات على انها حاسمة في تغيير المشهد الذي كرسته النسبة المتدنية من المشاركين في الاقتراع. بعد اعلان ايران مباركتها الانتخابات العراقية، رُفعَت الأقلام وجفّت الصحف، وليس هناك داع لكي يضحكوا على انفسهم في التهديد بالذهاب الى حافة الهاوية، ذلك انه لا يوجد في العراق المصمم منذ ثماني عشرة سنة على هذا الشكل المتوازي والمستعرض والمستطيل والمثلث والدائري والمربع والنقطوي في آن واحد، سوى السير في اطار ما تقدمه الانتخابات او الذهاب الى الهاوية ذاتها وليس حافتها كما يلوح بعضهم . الخلافات الحقيقية تنصب على ثلاث نقاط أساسية، هي منصب رئيس الحكومة، ثمّ مناصب الترضية في التوزيع المعتاد داخل كل حكومة جديدة، وبعد ذلك ضمان عدم خرق القواعد التضامنية التشاركية التي ساروا عليها جميعا في السنوات الماضية ولا وجود لهم بسوى استمرار السير عليها. أما الخلافات المصطنعة في ادعاء انّ الحشد الشعبي مهدد بالإلغاء والدمج بأجهزة الدولة العراقية، فهي من نسج الخيال السياسي الاضطراري للاعتراض على مسار انتخابات لم تكن تحت سلطتهم بالكامل كما كانت في الدورات السابقة. المواطن العراقي وصل الى مرحلة اليأس من هذه الصراعات السياسية التي نتيجتها تكون دائماً مزيداً من الامتيازات للقوى السياسية دون اغلبية الشعب، لذلك بات السلم الاجتماعي هو هدف المواطنين الأول، والعيش في امان مع هذا القوت القليل من الارزاق التي تحدق بها مخاطر حيتان الفساد المتحكمة بالمفاتيح والمغاليق سرّاً وقت اعلاء صوت الدولة وعلانيةً وقت شيوع أجواء التوافقات والتراضي. لا يوجد اكثر من هذا في تطورات احداث البلد، والباقي تفاصيل بين حصة أرنب وحصة غزال، لن تغيّر المسار العام .أما الوقت المهدور في مهاترات تشكيل الحكومة فهو وقت مقتطع من حصة أمل المواطنين في إيجاد بدائل لعيش كريمة ، حتى لو كانت مجرد آمال .