رواتب الموظفين والموازنة الجديدة
نوزاد حسن
بعد دوامة قانون جرائم المعلوماتية وانشغالنا به، فوجئنا بصدمة جديدة لم يتوقعها أحد، لا سيما بعد تاكيد وزير المالية ان نسخة الموازنة المسربة هي النسخة التي يناقشها مجلس الوزراء قبل ارسالها الى البرلمان، اذاً نحن في مواجهة ازمة جديدة، ولو أردت أن أصف موازنة 2021 لما وجدت افضل من تسميتها بموازنة شد الحزام على البطون، وانتظار الفرج. في الحقيقة لست معتادا على اعادة ترتيب ما يقال من مبررات يطلقها المسؤولون في الحكومة، وكأنهم يقولون لنا إننا نريد ان ننفث الروح في اقتصاد البلد الميت، وعليكم ان تساعدونا، هذه الحجة لا تبدو لي منطقية، وليست مقبولة بأي شكل من الأشكال. تريد منا الحكومة أن نؤمن بالرقية الاقتصادية الموجودة في الموازنة، واذا لم نؤمن فهذا الامر لن يغير من حقيقة الوضع شيئا، ولعل قوة الرقية لن تكون فاعلة ومنعشة لروح الاقتصاد، الا اذا رفعت سعر صرف الدولار ليصل الى 1470 دينارا، وتقليل مخصصات الموظفين بنسبب محددة يصل بعضها الى النصف وفرض رسم جديد على البنزين، وتفاصيل اخرى لا مجال لذكرها هنا. قد يعود عدم ايمان الغالبية الكبيرة من الناس بهذه الموازنة الى قسوتها الواضحة، وهي تخفض مخصصات الشهادة والخطورة الى النصف، في حين لا تخفض مخصصات الضيافة الا بنسبة 20 %، كما ان هناك نفقات مبالغا بها ادرجت، ولا بد من مناقشتها، ويبقى السؤال الاهم: هل هذه هي الحلول الوحيدة في يد الحكومة، ولا توجد حلول غيرها. لن ابالغ لو قلت إن الموظف هو الحلقة الاضعف في عملية الاصلاح الاقتصادي كما تحب الحكومة ان تصف اجراءاتها؟ اجيب نعم.ودليلي ان هناك موارد مهمة، قد تغني الموازنة، لكن سطوة الفساد تجعل من الصعوبة الاقتراب منها، لدينا مثلا عقارات الدولة وهي نهب لمن يشغلها، وكذلك ايرادات الهاتف النقال والمنافذ الحدودية، كل هذا لا يرى، ويكون الموظف براتبه الهزيل هدفا لتقشف سيؤثر في وضعه الاجتماعي تأثيرا كبيرا. بكل تأكيد يخسر الموظف أمام أسد فاسد كما خسرت دجاجة المعري حياتها، حين صارت علاجا وصفه الطبيب، بعد أن فحص المعري فوجد انه يعاني من سوء التغذية، قدموا له دجاجة مشوية، فسأل: ما هذا؟ فقالوا دجاجة؟ فقال:استضعفوك فوصفوك، هلا وصفوا شبل الاسد؟