رفض الإمارات للضم الإسرائيلي.. مواقف تحبط أكاذيب الحمدين
نؤكد رفضنا القاطع لخطوة الاحتلال الإسرائيلي لضم أراض فلسطينية بصورة غير قانونية”.. كلمات للشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، جدد فيها بشكل واضح وحاسم وقوي موقف الإمارات الرافض لمحاولة إسرائيل ضم أراضي فلسطينية.
ووجه من خلالها مجددا صفعة قوية لحملات الافتراء التي ينظمها إعلام تنظيم “الحمدين” الحاكم في قطر التي تسعى جاهدة لتشويه الدور الإماراتي التاريخي في مساندة ودعم القضية الفلسطينية.
محاولات زادت ضراوتها، بالتزامن مع اتخاذ الإمارات خطوات استثنائية مدروسة لمواجهة خطوة الاحتلال الإسرائيلي لضم أراض فلسطينية، أربكت إسرائيل نفسها.
فإلى جانب تحركها سياسيا ضمن الإجماع العربي ضد هذه الخطوة غير المشروعة، أحدثت الإمارات اختراقا بمخاطبة الشعب الإسرائيلي مباشرة وفي عقر داره وباللغة التي يفهمها، عبر مقال نشره سفير الإمارات بواشنطن يوسف العتيبة بصحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية.
خطوة كما صدمت إسرائيل صدمت تنظيم “الحمدين” إدراكا منه لقوة التأثير الذي أوقعته، فأطلق الإعلام الممول منه وعلى رأسه قناة “الجزيرة” وذبابه الإلكتروني، محاولا كعادته تشويه الدور الإماراتي المساند والداعم للقضية الفلسطينية وبث الافتراءات والأكاذيب وتأويل المواقف.
خطوة وصفها كتاب وخبراء بأنها جريئة وشجاعة تنم عن ذكاء شديد، استخدمت فيها الإمارات “هجوم السلام الذكى”، لدعم الحق الفلسطيني، ووضعت الرأى العام الإسرائيلى أمام لحظة اختيار واضحة لا تحتمل التأويل، وكشفت “العنتريات الكاذبة” والبطولات الزائفة والمؤامرات المشينة لحلف الشر القطري التركي.
مواقف قوية .. وسياسة ثابتة
لم تغب دولة الإمارات يوما عن مساندة الشعب الفلسطيني ودعمه في جميع مراحل قضيته العادلة التي ظلت ثابتة ضمن أولويات سياستها الخارجية.
تلك السياسة الثابتة، تتجلى هذه الأيام، في الوقوف في مواجهة محاولة إسرائيل ضم أراض فلسطينية بصورة غير قانونية.
وجاءت في هذه الإطار التصريحات القوية للشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، خلال اتصال هاتفي مع العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، الأربعاء.
والذي أكد خلالها رفض دولة الإمارات القاطع للمخطط الإسرائيلي بضم أراضي فلسطينية، وبين إن دولة الإمارات تتضامن بشكل كامل مع الأردن الشقيق ضد أي خطط إسرائيلية، مؤكداً “نتحرك سياسيا ضمن الإجماع العربي ضد هذه الخطوة غير المشروعة”.
هذا التحرك السياسي ضمن الإجماع العربي، سبق وأن عبر عنه الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، الذي أعرب عن بالغ قلقه ورفضه لما تضمنه برنامج الحكومة الإسرائيلية الجديدة من خطط وإجراءات لضم أراض فلسطينية في الضفة الغربية وفرض السيادة الإسرائيلية عليها.
وحذر من أن هذه الخطوة الأحادية الجانب غير قانونية وتقوض فرص السلام وتتعارض مع كل الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي للوصول إلى حل سياسي دائم، ووفقًا للقرارات الدولية ذات الصلة.
وفي موقف إماراتي يحسب لها، رفض الشيخ عبدالله بن زايد تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والتي أشار فيها إلى قبول عربي ضمني بهذه الخطوات، معتبرا أنها تجافي الواقع وتنافي حقيقة الموقف العربي، فالإجماع العربي معلن وثابت في القرارات الصادرة عن جامعة الدول العربية وتم التأكيد عليه في العديد من الاجتماعات الوزارية العربية.
اختراق مدروس.. ورسالة قوية
إلى جانب التحرك السياسي ضمن الإجماع العربي في القنوات الدبلوماسية المعروفة، أحدثت الإمارات اختراقا مدروسا لدعم الحق الفلسطيني، وذلك عبر نشر سفير الإمارات في واشنطن يوسف العتيبة مقالا في جريدة “يديعوت أحرنوت ” الإسرائيلية، خاطب فيها الشعب الإسرائيلي مباشرة، محذرا إياهم من تداعيات الضم الإسرائيلي لأجزاء من الضفة الغربية المحتلة.
وفي مقاله، حذر السفير العتيبة من أن الضمّ “سيقوض بالتأكيد وعلى الفور التطلعات الإسرائيلية لتحسين العلاقات الأمنية والاقتصادية والثقافية مع العالم العربي”، معتبرا أن “استمرار الحديث عن التطبيع سيكون مجرد أمل مغلوط”.
عن تلك الجهود الإماراتية الاستثنائية، أكد الدكتور أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، أن ” الإمارات اختارت أن تتحرك بكل السبل الدبلوماسية المتاحة لمواجهة هذه الخطوة بكل ما تحمله من مخاطر على مسار السلام واستقرار المنطقة”.
وأردف في تغريدة له: “مصداقيتنا وشبكة علاقاتنا وطرحنا المبدأي والمتوازن بشأن القضية الفلسطينية نوظفه في هذه المرحلة الحرجة والصعبة ضد قرار نتنياهو بتوسيع نطاق الاحتلال، خطة تحرك تتسق مع التوجه العربي والدولي وجهت بها القيادة الإماراتية ضد الضم غير الشرعي للأراضي الفلسطينية”.
وأكد أن “الإمارات من خلال تحركها المدروس تفند تصريحات نتنياهو بخصوص العلاقات مع العالم العربي وتحذر من تداعيات وخطر توسعة الاحتلال”.
وشدد قرقاش على أن ” قرار القيادة بتفعيل التحرك السياسي وطني وعربي بامتياز”، وبين أن “التجاوب الدولي مع التحرك الإماراتي مشجع ويتصل بقلق العواصم من القرار الإسرائيلي المتوقع”.
إشادة كبيرة بجهود الإمارات
وفيما كان يؤتي التحرك السياسي الإماراتي ثماره على أرض الواقع، ويتزايد التجاوب الدولي مع جهود الإمارات، كان حلف الشر القطري التركي يسعى عبر إعلامه وذبابه الإلكتروني للنيل من هذا التحرك وتشويهه، حتى لو على حساب القضية الفلسطينية نفسها.
تحرك أثار استغراب قادة فلسطين أنفسهم، وفي هذا الصدد استهجن القيادي في حركة “فتح” ديمتري دلياني الحملة القطرية – التركية – الإخوانية على المقال الذي كتبه السفير الإماراتي، وقال: “من خلال متابعة هذه الردود الغوغائية فإنها حقيقة لم تستند إلى ما هو موجود داخل الرسالة وإنما بناء على معلومات مغلوطة وأكاذيب لا تمت للواقع بصلة”.
وتساءل في تصريحات سابقة اطلعت عليها (الاولى نيوز) : “لماذا لم نسمع ولو صوتا قطريا واحدا ضد الضم؟.. لماذا لم نر أي تحرك تركي حقيقي لإجبار إسرائيل على التراجع عن الضم بما في ذلك قطع العلاقات أو وقف التبادل التجاري؟”.
ولفت القيادي الفتحاوي إلى أن رسالة السفير الإماراتي، “كانت بمثابة تحذير من أن هناك ثمن للضم في حال قد تم، وهي تأكيد على أولوية القضية الفلسطينية بالنسبة للإمارات”.
كما أشار القيادي الفلسطيني إلى أن مقال السفير الإماراتي “كان رسالة فضحت الأكاذيب التي روجها اليمين الإسرائيلي عن استعداد دول عربية للتطبيع مع إسرائيل دون حل القضية الفلسطينية”.
بدوره، توقع محمد السيد الخبير في الشؤون السياسية الإسرائيلية أن يسهم التحذير الإماراتي الشديد من مغبة ضم أراض فلسطينية في “خلق نوع من التراجع” لدى صناع القرار بالحكومة الإسرائيلية عن الخطوة.
وبين أن الكثير من المحللين الإسرائيليين اعتبروا الرسالة الإماراتية بمثابة “إحياء لمبادرة السلام العربية”.
في السياق نفسه، علق الكاتب المصري عماد الدين أديب في مقال له بجريدة “الوطن ” المصرية، على مقال العتيبة قائلا: “القصة باختصار أكبر من رسالة، وأهم من كاتب وقارئ ووسيلة، لكنها أسلوب تفكير عملى وبراجماتى وشجاع يسمى الأشياء بأسمائها ويجعل من (هجوم السلام الذكي) أفضل من العنتريات الكاذبة”.
وبين أن “المقال تضمن معادلة صريحة معروضة بذكاء تقول: لا ضم يعنى أملاً في علاقات طبيعية، أما إذا كان الإصرار على الضم نهائيا، فإن لا شيء يمكن أن يكون طبيعياً بين العرب وإسرائيل”.
وفي رد على حملات الافتراء التي تستهدف جهود الإمارات قال أديب: “من السهل على السفير يوسف العتيبة أن يجلس فى مقر سفارته بواشنطن، يمارس أعماله الاعتيادية كسفير لدولة صديقة”.
ولكنه اتخذ هذه الخطوة الجريئة “لأنه ابن مدرسة سياسية دبلوماسية تعتمد المبادرة، والتفكير الشجاع، والبحث عن بدائل خارج الصندوق”.
وتعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ببسط السيادة على المستوطنات اليهودية وغور الأردن وهي أراض احتلتها إسرائيل في حرب 1967 ويسعى الفلسطينيون لإقامة دولتهم عليها.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أعلن نية حكومته البدء بتنفيذ عملية الضم في الأول من يوليو/تموز المقبل.
ومع العد التنازلي لتنفيذ إسرائيل مخططها مطلع الشهر المقبل، كثفت فلسطين من تحركاتها في الأمم المتحدة لتجنيد جبهة دولية واسعة ضد الضم.
ويعقد مجلس الأمن الدولي على المستوى الوزاري، في 24 من يونيو/ حزيران الجاري، جلسة لبحث مخططات الضم، فيما طلبت فلسطين انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة لإدانة هذا المخطط الذي يعارضه الاتحاد الأوروبي ودول عربية وغربية.