رسالة إلى الفاسدين الهتلية
رسالة إلى الفاسدين الهتلية – فراس الغضبان
منذ البداية نوضح بأننا سنناقش معضلة إجتماعية بروح موضوعية بعيدة عن الطائفية والعنصرية وهي ظاهرة الفاسدين الهتلية ، والهدف هو تشخيص الوقائع لإيجاد وسائل حضارية لإنقاذ البلاد من أخطار داهمة تهدد مستقبلها الديمقراطي وتجعل الحديث عن الوطنية والأمانة والكفاءة والإنتماء والتمدن والحضارة أقرب إلى الأسطورة والخرافة .والهتلية تعد تكون مشتقة من المصطلحات العامية السائدة هي السيبندية ويقصد بها علميا كل من خرج عن التقاليد العربية والأخلاق العامة ، بل المقصود بدقة هي مجموعة القيم والتقاليد الهجينة الممزوجة مابين السرسرية والأدبسززية والبلشتيه ، وجذور أخرى لها علاقة بالكلاوجية وإمتدادات لشقاقات متأصلة في فئات إجتماعية توارثت الشعور بالظلم والإحساس بالمهانة والإعتماد على ردود الفعل والبقاء على هامش الحضارة مثل قطاعي الطرق والصكاكة والعلاسة والقفاصة والحرامية والنشالة والسلابة الذين يرفضون القانون والتمدن والتحضر ولا يعترفون بأصوله الحضارية بل نرى كل إنتماءاتهم صورية مصلحية مادية ذات نزعات إجرامية ، فلا نجد لهؤلاء الناس هوية محددة المعالم أو واحد بالمليون لأخلاق تستند لقيم أصيلة ذات ملامح عربية معروفة .ظاهرة اجتماعيةنقول ذلك ليس دفاعا عن مقولات البعض و نحن بالضد منها وخاصة عندما يصفون العراقيين بالحفاة والقادمين من الهند وباكستان وإيران أو البلدان المتخلفة في العالم ، ولكننا أمام ظاهرة إجتماعية تتمثل بمجموعة من الرعاع الذين فشلت المدارس والجامعات والأحزاب من إعادة صياغة عقليتهم البدائية وتهذيب سلوكهم الذي يعتمد على العدائية والإعتداء والنزوع لطرق القتل والسلب والنهب ، وما يسميه العلامة الراحل علي الوردي المغالبة والمشاطرة على إستحواذ أملاك الدولة ومقتنيات الآخرين بإستخدام القوة السلطوية والحزبية والدينية والعشائرية وطرق النصب والإحتيال و أساليب الحوسمجية ، ويتجلى ذلك في صور متعددة في كل مرحلة من مراحل تاريخنا المعاصر .أن جوهر هؤلاء مازال واحدا متوحدا ولعل أخطر مراحلها ما نعيشه الآن ، فقد فقدنا الأمل في تأسيس دولة ديمقراطية على أنقاض الدكتاتورية وأصبح هذا الحلم هشا وبعيد المنال لأن الذين ينتمون للهتلية مازالوا يفكرون بطريقة الغالب والمغلوب وأنصر أخاك ظالما أو مظلوما وكأنهم مازالوا في العصر الحجري لم يصقلهم دين ولم تعلمهم حضارة . إن هؤلاء الهتلية الذين لا يمثلون المتعلمين والمثقفين والأصلاء من أبناء العراق ، ولكنهم أصبحوا بين ليلة وضحاها يتولون صناعة القرار السياسي ويتحكمون في مسارات نمو المدن العراقية وثقافة المجتمع ودليلنا إننا منذ 18 عام من سقوط النظام ولحد الآن لم نستطع أن نرتقي بواقع الشعب العراقي في كل مفاصل حياته من ضمانه المعيشي والصحي والأمني والخدمي ولم نستطع أن نبني مصنعا أو نزرع حقلا أو نؤهل محلة عراقية واحدة لكي ترتقي بمستوى حضاري كنا نحلم به بالأمس القريب .وكدنا أن نقترب من أبواب المدن الخليجية التي كانت عبارة عن خرائب وأصبحت اليوم جنات على الأرض ، وتحولت مدن العراق إلى مدن الخراب ، تغزونا كل يوم عواصف الرمال والغربان من أشباه الرجال وقادتها مازالوا وكأنهم رعاة بقر يقودون الأمة وهم على ظهور البعران وياليتهم كانوا هكذا لأن عربان الجزيرة الذي كنا نسخر منهم هم الآن يتحكمون بالإقتصاد العربي و الغربي ويتمتعون بخيرات النفط ويوظفونها في خدمة مجتمعاتهم ويتمتع بها الغني والفقير على حد سواء . أما نحن وفي ظل السيبندية فالوقائع تحدثنا عن مآسي حقيقية ، فموجة الجراد البشري إلتهمت ثروات العباد وزحفت إلى المدن لتغيير معالمها وإجتثت آخر ما تبقى من علامات التمدن والحضارة ، فهل نتوقع بعد ذلك ظهور عراق جديد وقد سرقوا أمواله وتحكموا في قرارات مصيره ..؟ والجواب هو ليس أمامنا إلا أن نتوقع الكارثة التي ستعيدنا ذات يوم إلى قلب الصحراء لنكون عند غياب النفط عبيدا لعربان الخليج وسادتنا الهتلية سيهربون خارج البلاد سالمين غانمين .