رحلة الشتاء والصيف
محمد صادق جراد
أصبحت قضية غرق المدن العراقية مع نزول الأمطار، أزمة موسمية يدفع فيها المواطن العراقي ثمن غياب التخطيط الستراتيجي للحكومات المتعاقبة على حكم البلاد لسنوات طويلة.
المواطن نفسه كان يدفع ضريبة انقطاع التيار الكهربائي في الصيف الحار، لنكون أمام فشل ذريع للقائمين على هذه الملفات في توفير ابسط الخدمات وإخفاق الحكومات في تحقيق تقدم ملحوظ في هذه الملفات المهمة.
وهنا تبرز العديد من التساؤلات حول أسباب الفشل.
من هي الجهة المسؤولة عن الفشل في تقديم الخدمات في قضية المجاري والكهرباء، أين ذهبت التخصيصات الكبيرة، التي يتم تخصيصها كل عام في الموازنة العامة لمعالجة ملف المجاري والبنى التحتي؟ فلطالما سمعنا عن الاستعدادات الكبيرة لموسم الأمطار وصرف المبالغ لأمانة بغداد او المؤسسات الأخرى المسؤولة، الا أننا نتابع غرق العاصمة مع اولى زخات مطر تتعرض لها ونتابع غرق بيوت المواطنين البسطاء وتعرضهم لأضرار كبيرة في الممتلكات.
وعندما نتابع تفاصيل غرق العاصمة وعدد من المدن العراقية، نجد ان الإجراءات التي تتخذها الحكومة تتلخص بدفع التعويضات او تعطيل الدوام الرسمي، وهي معالجات آنية وحلول عقيمة بعيدا عن الحلول الجذرية . ولو بحثنا عن أسباب الأزمة الحقيقية، لوجدنا أن الفساد يقف وراء هذا الإخفاق الكبير، حيث يرى البعض ان المشكلة تكمن في إسناد هذه المشاريع الى شركات غير مؤهلة للنجاح في ملفات ضخمة ومهمة، مثل ملف المجاري وتصريف مياه الأمطار كما هو الحال في ملف الكهرباء في الصيف، ويبدو ان الفساد والمحاصصة الحزبية هما من أهم الأسباب التي تقف وراء اختيار هوية الشركات، التي ترسو عليها المناقصات والمشاريع الخدمية وهي شركات لا تمتلك من المؤهلات الكافية للنجاح، سوى أنها تابعة لجهات متنفذة والدليل على ذلك اننا بعد عقود من الزمن ما زلنا نتابع غرق العديد من المناطق وتوقف الحياة فيها بسبب يوم ممطر. خلاصة القول إن مشكلة الفيضانات ومشكلة الكهرباء في بلد مثل العراق بحاجة الى إبعادها عن الفساد، وإسناد المهمة الى شركات عالمية رصينة عبر الاستثمار ومحاسبة المسؤولين عن فشل هذه الملفات لسنوات