رثاء الطبيعة
هادي جلو مرعي
في الثاني من آب 2023 رحل عن 73 عاما إبن الزاوية في نابلس حيث ولد في العام 1950 زكريا محمد الشاعر المبدع الذي يرد ذكره في الموسوعات الأدبية بوصفه شاعرا وباحثا ومحررا صحفيا، له مؤلفات في الشعر والرواية وصنوف من المعرفة، وأختير عضوا في مركز مسارات للأبحاث السياسية، ومنذ أشهر كنت سمعت له حديثا من إذاعة مونت كارلو عن سيرته الإبداعية، وقد سألته مقدمة البرنامج الإذاعي، وهي تحاوره عن شعر له في رثاء الطبيعة؟ فأجاب: إنه يحذر من كارثة تهدد الطبيعة على الأرض، وينعاها في ذات الوقت وهو يؤشر مدى خطورة السلوك البشري على التنوع النباتي والحيواني والبيئي وموارد المياه والتغيرات المناخية الهائلة التي تسببت في إرتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة حيث الثلوج العتيقة تذوب في القطبين وإرتفاع نسبة الملوحة في مياه البحر المتوسط والأعاصير ذات التدمير العالي التي تضرب بلدانا على سواحل المحيطات الثلاث الكبرى الهادي والهندي والأطلسي ونسبة التلوث العالية وإنبعاثات ثاني أوكسيد الكاربون السام وحيث الناس يموتون من شدة الحرارة في القارة الأوربية وحيث الحرائق تلتهم كندا وأستراليا وغابات وأحراش اليونان والجزائر وتونس وبلدان مختلفة أخرى بينما يقل هطول المطر في أجزاء واسعة من العالم وتفيض أخرى حيث سقطت كميات من الأمطار في محيط ووسط العاصمة الصينية بكين لم يسبق لها من مثيل منذ 140 عاما، بينما بلغت شدة الحرارة درجات هي الأعلى منذ 120 ألف عام بحسب أنتونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة الذي حذر من غليان كوني.
المخاوف من إرتفاع مياه المحيطات بفعل ذوبان الثلوج الى أمتار عدة تهدد بغرق السواحل في مختلف القارات، وإختفاء مدن شهيرة تاريخية، مع تآكل الشواطيء بسبب شدة الأمواج، وإرتفاع مناسيب البحر. وتشكل ظاهرة تسونامي عامل قلق لكثير من سكان الكوكب خاصة وإنها تحدث فجأة، ونتيجة ربما لزلزال مدمر حيث لايتردد باحثون في ربط كثرة الزلازل وشدتها، والتغيرات المناخية والسلوك البشري المرتبط بوتيرة عالية من إستخراج النفط والغاز كما يتم تجريف الغابات بشكل ممنهج حيث تشير بعض المصادر الى إن البرازيل قامت بحرق مساحات من غابات الأمازون، وغابات أخرى للتخلص من الأشجار، وزراعة الأرض بمحاصيل علف الأبقار التي ظهر إنها شريك في الجريمة حيث ترمي الأبقار كميات كبيرة من غاز الميثان الى الهواء، وهي مادة تساهم في إرتفاع نسبة غاز ثاني أوكسيد الكاربون المميت.
الشعراء والكتاب وأهل الفن معنيون تماما بالترويج لكل جهد لحماية الطبيعة وصيانتها من التجاوزات القاتلة التي يقوم بها الناس كل لحظة وبصورة مثيرة للرعب حيث يبدو الكوكب كأنه ذاهب الى الجحيم بموافقة السكان، ورغبتهم كأنهم ينتحرون، وهم يلتذون بتلك الرغبة الحمقاء، وليس من المقبول أن ينكفأ المثقفون حتى تنهار الطبيعة، ثم يخرجون ليولولوا بقصائد ومرثيات وحكايات تتكرر، ولاتجدي شيئا حين يكون كل شيء قد إنهار وإنتهى، هي رسالة أيضا وبقدر عال من الأهمية يبعثها أديب مسؤول وصريح ليحذر من الكارثة ويريد أن يحذر قبل أن يرثي لعل شيئا جيدا ما يحدث ويتنبه قادة العالم الى مايدور من حولهم وهم منشغلون بالنزاعات والإنقلابات والحروب العبثية التي تستهلك الطاقة والجهود والأموال والأرواح دون جدوى بل وتزيد من المعاناة والمشاكل وتصعب الحلول مايؤدي الى تراكم المشاكل التي لاتجد من يهتم بها وربما يتم تجاهلها حتى تتحول الى قنابل تنفجر هنا وهناك.