رايتس ووتش تعلن تقريرها بشأن قتل وقمع المتظاهرين في العراق
وثقت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، الجمعة، استخدام السلطات العراقية العنف لإنهاء الاحتجاجات في بغداد وجنوب البلاد باطلاق الذخيرة الحية، واعتقال المتظاهرين، مشيرة إلى ان الحملة بدأت بعد يوم من مغادرة انصار التيار الصدري ساحات التظاهرات، داعية لعقد جلسة خاصة بشأن قتل المتظاهرين، مشددة على ضرورة ان توقف الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإيران مساعداتها إلى العراق.
وقالت المنظمة في بيان اليوم، (31 كانون الثاني 2020)، إن “السلطات العراقية صعدت بين 25 و27 كانون الثاني 2020 استخدامها العنف لإخماد الاحتجاجات التي تعم بغداد وجنوب البلاد. أضرمت قوات الأمن النار في خيام المتظاهرين، وأطلقت الذخيرة الحية، واعتقلت متظاهرين في بغداد، والبصرة، والناصرية. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تحديد حجم الإصابات أو أعداد المحتجزين”.
وذكرت بلقيس والي، باحثة أولى في الأزمات والنزاعات في هيومن رايتس ووتش: “يبدو أن حرق خيام المتظاهرين في ساحات المدن إجراء تقوم به السلطات العراقية لإجلاء المتظاهرين السلميين عن الأماكن العامة. ينبغي لسلطات بغداد تلبية مطالب المحتجين عبر معالجة الفساد المتفشي وتحسين حصولهم على الخدمات الأساسية والوظائف بدل استخدامها غير المبرر للقوة”.
وقابلت المنظمة تسعة متظاهرين وثلاثة مسعفين في المدن الثلاث.
بدأت حملة السلطات لإخلاء الساحات في 25 كانون الثاني، بعد يوم من مغادرة أنصار رجل الدين البارز مقتدى الصدر الاحتجاجات في الساحات. شنت السلطات ما بدا أنه حملة منسقة لإنهاء سيطرة المحتجين على الميادين المركزية في بغداد، والبصرة، والناصرية. وصف شهود كيف وصل مسلحون ببزات عسكرية وسيارات تستخدمها عادة قوات الأمن إلى الساحات، وهاجموا المتظاهرين، وضربوهم، واعتقلوهم، وحرقوا خيامهم. قال سبعة محتجين في المدن الثلاث إنهم عادوا لاحقا إلى الميادين ونصبوا خياما جديدة.
في الساعة 3 فجر 25 كانون الثاني، وصلت إلى ساحة البحرية في البصرة عربات عسكرية وأمنية تابعة لـ “قوات الصدمة” (وحدة شرطة محلية). قال ثلاثة متظاهرين كانوا هناك إن الرجال المسلحين، بعضهم ببنادق صيد وآخرون ملثمون، ضربوا المحتجين واحتجزوهم في بعض الحالات بلا مبرر، ثم أحرقوا ودمروا 130 خيمة على الأقل. قال الرجال الثلاثة إنهم لم يسمعوا المهاجمين يصدرون أي تحذيرات، لكنهم سمعوهم يصفون المتظاهرين بـ”عصابات الجوكر” و”عملاء أميركا”. أضاف المحتجون الثلاثة أن الرجال الملثمين استخدموا أربع جرافات صغيرة لإزالة بقايا بعض الخيام. أظهر فيديو نشر على “فيسبوك” في 26 كانون الثاني بقايا خيام في ساحة البحرية.
ظهيرة 25 كانون الثاني، داهمت الشرطة الاتحادية الرسمية وعناصر أمن أخرى بزي مموه (أسود وبيج وأزرق) ساحة الخلاني في بغداد. أضرموا النار في سبع خيام، وأطلقوا الرصاص الحي على المتظاهرين، بحسب متظاهر كان هناك. قال متظاهر كان نائما وقتها إنه لم يسمع المهاجمين يطلقون أي تحذير. يظهر مقطع فيديو على فيسبوك في 25 كانون الثاني محاولة محتجين في ساحة الخلاني إطفاء الحرائق. قال مسعف كان حاضرا إن الفريق الطبي نقل 13 ضحية بأعيرة نارية إلى المستشفى.
قال متظاهر آخر إنه في حوالي الساعة 8 صباح يوم 26 كانون الثاني، عادت قوات الأمن إلى ساحة الخلاني ثم داهمت ساحة التحرير القريب منه، بعضها ضمن مركبات قوات “السوات”، وبدأت في إزالة الكتل الخرسانية والموانع الأخرى التي استخدمها المحتجون لقطع الطرقات. قال إنه رأى قوات الأمن في ساحة الخلاني تطلق النار من بنادق “كلاشنكوف” وبنادق صيد، وتطلق قنابل الغاز المسيل للدموع على الحشود بلا إنذار أو استفزاز. أضاف: “رأيتهم يطلقون النار على أرجل متظاهرين اثنين، ويسحلون بعض المحتجين ويضعون أربعة في سياراتهم. رأيتهم يشعلون سبع خيام في ساحة التحرير”. قال إن القوات انسحبت في الساعة 10:30 صباحا حالما أتمت سيطرتها على ساحة الخلاني، لكنها عادت في الساعة 12:30 ظهرا – بعد عودة المحتجين – لتستخدم الغاز المسيل للدموع والنيران الحية ثانية لتفريق الحشد.
في الساعة 1 فجر يوم 27 كانون الثاني، أطلق مسلحون النار على الحشود وأشعلوا الخيام في ساحة الحبوبي في الناصرية، بحسب متظاهرين اثنين. قال أحدهما إنه بقي في خيمته أول 10 دقائق من إطلاق النار، ثم خرج ليرى النيران تلتهم الخيام حوله. قال إنه رأى إطلاق نار على أربعة أشخاص ووجد متظاهرا مقتولا بطلق ناري في إحدى الخيام التي لم تحترق.
قال محتج آخر إنه رأى قوات الأمن تطلق النار على خيام تحوي أسطوانات غاز داخلها للتدفئة لتشتعل فيها النيران. تظهر مقاطع فيديو نشرت على موقع إخباري ما يبدو أنه خيام محترقة في ساحة الحبوبي في 27 كانون الثاني ومركبات قوات الأمن أثناء مغادرتها المكان. وتظهر المقاطع سيارتي “بيك أب” فيهما أشخاص بزي رسمي، بينما يمكن سماع دوي إطلاق نار في المنطقة.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على السلطات العراقية التحقيق في كل وفاة حصلت على أيدي قوات الأمن، بمساعدة خبراء دوليين إذا لزم الأمر. ينبغي للتحقيقات أن تكون سريعة ونزيهة ومستقلة، وأن تؤدي إلى محاكمة أي شخص يثبت ضلوعه في استخدام القوة، حتى القادة.
تنص المعايير الدولية على أنه لا يجوز لعناصر إنفاذ القانون استخدام الأسلحة النارية عمدا إلا عند الضرورة القصوى بهدف حماية الأرواح.
بالنظر إلى أن القوات الحكومية قتلت المئات منذ اندلاع الاحتجاجات في تشرين الأول 2019، ويبدو أن العديد من عمليات القتل هذه غير قانونية، على دول مثل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإيران، التي تقدم تدريبات إلى قوات الجيش والشرطة وتدعمها، أن توقف هذه المساعدات إلى أن تتخذ السلطات إجراءات فعالة لوقف أعمال القتل غير القانونية بحق المتظاهرين وتحاسب المعتدين. يجب أن يعقد “مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة” في جنيف جلسة خاصة بشأن قتل المتظاهرين في العراق.
قالت والي: “يحق للمتظاهرين احتلال الأماكن العامة سلميا وتقديم مطالبهم إلى الحكومة. تظهر الأيام القليلة الماضية العواقب الوخيمة التي يمكن أن تحدث عندما تكون الحكومة غير مستعدة لاحترام هذا الحق”.
بحسب الأمم المتحدة، قتل منذ بدء الاحتجاجات في 1 تشرين الأول 2019 نحو 467 شخص، وأصيب أكثر من 9 آلاف آخرين. بحسب “المفوضية العراقية العليا لحقوق الإنسان”، أوقفت قوات الأمن 2,633 شخصا على الأقل، أُفرج عن معظمهم فورا.
قالت المفوضية إن قوات الأمن بين 20 و22 كانون الثاني قتلت 10 محتجين على الأقل، وجرحت 127 آخرين، واحتجزت 88 في بغداد، والبصرة، وديالى، وذي قار، وكربلاء. أفادت عن إصابة 24 عنصر أمن أيضا.
أحداث 19 –22 كانون الثاني 2020
في 13 كانون الثاني، طالب المتظاهرون من مدن جنوبية عديدة الحكومة باتخاذ خطوات واضحة لمعالجة بعض مطالبهم بحلول 20 كانون الثاني، منها إصلاح قانون الانتخابات وإجراء انتخابات مبكرة. قال المحتجون التسعة الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش في بغداد والبصرة والناصرية إنهم قاموا وآخرين في 19 كانون الثاني بقطع الطرق الرئيسة في تلك المدن مستخدمين الإطارات المحترقة. أضافوا أن قوات الأمن ، ردا على ذلك، أطلقت أعيرة حية وقنابل الغاز المسيل للدموع، ورمى المحتجون بدورهم الحجارة والزجاجات الحارقة.
قال متظاهر في بغداد إنه بعد أن قطع المتظاهرون الطرق في 19 كانون الثاني، أطلقت شرطة مكافحة الشغب قنابل الغاز المسيل للدموع مباشرة على المتظاهرين دون تحذير. قال: “كان صديقي يصور من مسافة 100 متر عندما أصابته قنبلة غاز في رأسه وقتلته”. ورد المتظاهرون بإلقاء القنابل الحارقة على الشرطة، على حد قوله.
قال المحتج إنه في 20 كانون الثاني، شاهد الشرطة الاتحادية على طريق محمد القاسم السريع في بغداد تطلق أعيرة نارية حية على المتظاهرين وتضرب بعضهم. قال إنه رأى الشرطة تطلق النار على أحد أصدقائه في ساقه. قال هو ومسعف كان هناك إن قوات الأمن على الطريق السريع استخدمت الغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت ضد المتظاهرين، الذين ردوا بإلقاء الحجارة والقنابل الحارقة. قال المسعف إن فريقه عالج 60 متظاهرا على الأقل أصيبوا بشظايا معدنية جراء القنابل الصوتية والرصاص أو اختنقوا بالغاز المسيل للدموع. قال إن ستة محتجين لقوا حتفهم متأثرين بجروح في الرأس أو الرقبة. يظهر مقطع فيديو على فيسبوك في 22 كانون الثاني قوات “السوات” وهي تضرب المتظاهرين على الطريق السريع في بغداد في 20 كانون الثاني.
قال متظاهران في البصرة إنه في 20 كانون الثاني، اعتقل مسلحون ملثمون خمسة متظاهرين قرب ساحة البحرية، التي احتلها المحتجون منذ تشرين الأول. قال أحد المتظاهرين إن حوالي 400 متظاهر بدأوا بالهتاف خارج مقر الشرطة المحلي لإطلاق سراحهم. أضاف، “فجأة فتحت الأبواب وخرج حوالي 60 شرطيا لضربنا بعصي خشبية”. طاردت الشرطة الحشود وضربت البعض، بحسب المتظاهرين.
في 21 كانون الثاني، قال أحد المتظاهرين إنه رأى قوات الأمن تطلق النار على حشد يضم 200 محتجا قرب ساحة البحرية، وكان بعضهم يحرق الإطارات ويقطع طريقا. رأى متظاهرا يصاب بعيار ناري في ظهره بينما كان يهرب من قوات الأمن. أضاف، “وضعوه في سيارتهم وأخذوه بعيدا، وألقوا القبض على أربعة رجال آخرين قاموا بسحلهم وضربهم”. قال كلا المتظاهرين إنه بعد مغادرة قوات الأمن المنطقة ليلا، رأى المتظاهرون سيارة دفع رباعي في الموقع وأشخاص من داخلها يطلقون النار على المتظاهرين، متسببين بمقتل مسعفة وجرح سبعة محتجين.