دولة النظام ( و ) ونظام الدولة !
د . خالد القره غولي
حمورابي الملك البابلي الأكدي الذي حكم العراق بين عامي ( 1752 – 1792 )ق . م نشر قوانينه على مسلة من حجر الديوريت الأسود مازالت حتى يومنا هذا وثيقة نظمت العلاقات بين السلطة الحاكمة والشعب .. لا يوجد قانون منذ أن أخرج الله آدم عليه السلام من الجنة لمخالفته القوانين الإلهية إلا ونشر علنا ! حتى الملائكة والجن والحيوانات ترتبط بقوانين بعضها حددته الفطرة وأخرى حددها الخالق عز وجل ومعظمها اتفق البشر فيما بينهم على سنها .. الكتب السماوية والاتفاقات الدولية والمعاهدات بين الأمم والشعوب والجيوش المتحاربة لها قوانينها.. علاقة الإنسان وتوصيفه ومنحه المكانة المحددة له وصلاحياته الاجتماعية نظمت بثوان .. بدءا من علاقة الانسان مع نفسه ومع أسرته ومع أبناء المجتمع الأقرباء والغرباء .. كل هذه القوانين أعلنت ومن بديهياتها المنطقية الإعلام عنها كي يلتزم الناس بنصوصها ما ينفعهم وما يضرهم .. المجرم حين يواجه بدليل دامغ على ارتكابه لجريمة ما .. يقرأ عليه نص الحكم رقما وقراءة و تعليلا .. دعيت في عام ( 2005 ) للمشاركة في جلسات تعديل بعض نصوص الدستور العراقي .. وبعض الزملاء والأصدقاء ممن يقرأون هذه الأسطر يتذكرون ما عانيته شخصيا بعد اعتراضي على عشرات الفقرات والمواد ومحاولات هروب والتفاف اللجنة العليا وإصرارهم على إخفاء المواد المثبتة وعدم قراءة بعضها بحجج مضحكة ورغم محاولاتي وإصراري ودعوتي إلى الجلوس مع اللجنة العليا، لم أنجح مع بعض الزملاء من مختلف محافظات العراق الاتحادي إلا بتعديل بضع مواد فقط، ثم قيام أعضاء من أحزاب وتكتلات معروفة للتفاهم الجانبي معنا ( معظمهم الآن أعضاء في البرلمان ) واستغلت اللجنة العليا هذا الفراغ المتفق عليه وصوتت على تعديلات غير مهمة! أما الأخرى فقد تجاوزتها التعديلات وبقيت على وضعها .. أدركت أن هناك من يقود الأمور ويتحكم بالدولة وراء الكواليس!. فالعراق البلد الوحيد في العالم لا يعلن عن قوانينه بوضوح .. عشرات القوانين والتعديلات والإلغاءات يتم الإعلان عنها بحياء والموافقة بسرية وتبقى تفصيلات وتطبيقات هذه القوانين كأنها أحجيات أو حزورات .. من أهم تلك القوانين ما يسمى بقانون العفو العام ، في كل يوم نسمع به عشرات المرات ونشاهد على القنوات الفضائية مؤتمرات صحفية وإجتماعات لزعماء الأحزاب والكتل السياسية وجلسات لمجلس النواب حول القانون ، ولا أحد من أبناء الشعب العراقي يعرف تفاصيل هذا القانون الغامض ولا نعرف ماهي مصادره القانونية ومن هم القائمون والمسؤولون على تحديد فقراته ومتى يبدأ العمل به ؟ والأهم أين أصبح القانون ولماذا لا يفصح عنه علنا في وسائل الإعلام وإجراء برنامج لمتخصص مزدوج في المجال الإعلامي والقانوني لشرح القانون لأبناء شعبنا الصابر أو الإبقاء عليه وراء الكواليس والاتفاق على تنفيذه فوق موائد أخفيت بتعمد .. واستبدال اسمه إلى قانون العفو الغامض لأنه لا يعني الشعب بل يهم المستفيدين من دمار وخراب العراقيين وضياع مستقبلهم بين فكوك الطغاة ! ولله ……………………………….. الآمر