دهين ” بلاسخارت” الشهير
حمزة مصطفى
لم ينتشر خبر تناول المس بيل السكرتيرة الشرقية للسفارة البريطانية في العراق أيام الإنتداب, قدح من شربت الحاج زبالة الإ في اليوم التالي ربما في حال تناولته الصحف المحدودة آنذاك.
فلم تكن هناك إذاعة, ولم يكن هناك تلفزيون. لكن الأمر إختلف مع جينين بلاسخارت ممثلة الأمم المتحدة في العراق حين تذوقت دهين أبو علي الشهير في مدينة النجف.
سرعان ماإنتشر الخبر في السوشيال ميديا, حيث لا حاجة الى صحف تصدر في اليوم الثاني, ولا إذاعة لم تعد تسمع الإ في السيارة, ولا تلفزيون تراجع البث فيه لولا بعض برامج الطشة أو صراع الديكة.
أما حين “مصت” بلاسخارت إصبعها بعد أن لم يترك لها منظر الدهينة المغري فرصة البحث عن ملعقة فأكلت مثلنا بالخمسة فإن غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة عبّر “بينه وبين نفسه” عن قلقه لإحتمال أن يكون العراقيون علموا السيدة المصون دروبا جديدة في كيفية التعامل مع قضايانا الباحثة دائما عن حلول “دهينية”.
الفارق بين واقعة الشربت وبطلتها مس بيل, وبين تناول مس بلاسخارت دهين أبو علي زمنيا يتعدى المائة عام. فارق آخر مهم وهو الفرق بين إحتلالين وسيدتين وصناعة تاريخ لا يشبه بعضه. وفي حين لايزال الحاج زبالة الشربت بمثابة أيقونة في مجاله أو مثلما نسميه في العادة “خط ونخلة وفسفورة” دلالة على الأصالة, فإن دهين أبو علي الشهير في النجف هو الآخر “خط ونخلة وفسفورة” سواء أكلت منه بلاسخارت و”مصت” أصبعها من ورائه أم لا. ولأن الشئ بالشئ يذكر وللتاريخ لسان كما يقول المؤرخون فإن غالبية التعليقات في السوشيال ميديا سلطت الضوء على واقعة “مص الأصبع” أكثر من تناول الدهينة وخصوصيتها بين نظائرها الدهينيات. لماذا إقتصر التركيز على هذه اللقطة مع إنها خاصة جدا ويمكن أن يقوم بها أي إنسان؟ الأجابة ربما لأن بلاسخارت شخصية عالمية وبالتالي تسلط الأضواء على أية حركة مهما كانت عفوية. وإذا أردنا البقاء في مجال المقارنة بين تاريخين وبين إحتلالين, الاحتلال البريطاني ورمزه الأشهر نسائيا مس بيل, والإحتلال الأميركي ورمزه الذي يكاد يكون الأشهر نسائيا بلاسخارت, فإن وقائع الأكل بالخمسة كانت إحدى سمات وملامح الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003, في وقت لم يتوقف كثيرا مؤرخ حقبة الاحتلال البريطاني الأشهر عبد الرزاق الحسني كثيرا عند الولائم والعزائم التي كان يقوم بها شيوخ ووجهاء تلك الحقبة. أما السوشيال ميديا فقد التقطت لقطات حية مما كان يأكله دونالد رامسفيلد الذي كوفئ زيادة في التكريم بسيف ذو الفقارأو كولن باول وهما يتناولان القوازي والتشاريب في ولائم شهيرة. أما بول بريمر فإنه كان يعمل بنفسه .. المحروك إصبعه.مقالي في جريدة “الصباح” اليوم الاثنين