كشفت دراسة حديثة لفريق من مركز البيولوجيا الخلوية والجزيئية في الهند ان الغجر غادروا موطن أجدادهم الأصلي في شمال غرب الهند منذ حوالي 1400 سنة. وقد جاءت النتائج بعد أخذ الفريق لعينات الحمض النووي الصبغي (واي) من حوالي 10000 من الذكور، بما في ذلك 70000 عينة من 214 مجموعة من السكان الأصليين في الهند.
ووجد الفريق أن الغجر يشتركون في أقوى تشابه وراثي مع سكان دومبا الأصليين في شمال غرب الهند، والذين ينبذون تقليديًا من قبل النظام الطبقي الهندي. وهذا يرتبط بنظرية لغوية قديمة مفادها أن اسم الغجر أو الرّوما بالإنجليزية “Roma” مشتق من الكلمة الكلاسيكية السنسكريتية دومبا “Domba”، والتي تعني رجل من الطبقة الدنيا، والذي يعيش على الغناء والموسيقى.
وتشير الدراسة إلى ان الغجر هاجروا قبل نحو 1400 سنة إلى الهضبة الإيرانية، ثم أنقسموا هناك إلى مجموعتين، احداهما توجهت إلى جنوب العراق، والاخرى توجهت إلى الشواطئ الجنوبية من بحر قزوين والبحر الأسود، عبر مضيق البوسفور، وانتشرت بعد ذلك في أوروبا خلال القرن الثالث عشر، وبحلول القرن السادس عشر وصلت إلى أبعد الحدود مثل الجزر البريطانية وشبه الجزيرة الإيبيرية والسويد وروسيا.
صحة المصادر التاريخية العربية حول تاريخ الغجر
تقول المصادر التاريخية العربية أن اصل الغجر يعود إلى الهند، وإنهم انطلقوا منها إلى بلاد فارس، ودخلوا في الإسلام مع الفتح الإسلامي وتم نقلهم إلى البصرة، وكان العرب يسميهم “الزط”، والتي تُحرف عن كلمة “جت” نسبة إلى أحد الشعوب الهندية القديمة، إلا ان ذلك لم يمنع القبائل العربية من إحتضانهم والتحالف معهم، وحصلوا في البداية على حقوق مساوية لبقية المسلمين من اعراق متنوعة، واعتزل الزط الحروب التي تبعت مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه، إلا انهم اتبعوا الخوارج بعد معركة صفين، الأمر الذي دفعَ الحجاج بن يوسف الثقفي إلى تقليص أعطياتهم وتشتيتهم في أنحاء العراق، ومن ثم نقل مجموعات كبيرة منهم إلى انطاكية. وفي العصر العباسي تمكنَ الزط من تشكيل قوة ضاربة سيطرت على طرق التجارة وبدأت في قطع الطريق بين بغداد وجنوب العراق، وانطلقوا في زمن المأمون في الثورة التي عرفت باسمهم ولم يتم قمعها فعليًا إلا في زمن المعتصم حيث حوصروا وقطعت عنهم المياه، ودفعت برؤوس زعمائهم إلى بغداد، وبدأت بعد ذلك الهجرة الثانية للزط والتي شملت بلاد الشام ومصر وشمال افريقيا.
ويقول الدكتور العراقي سفيان ياسين ابراهيم في كتابه الهند في المصادر البلدانية: “هاجرَ عدد من الزط من غرب الهند (السند) إلى المشرق العربي. بعد إحتكاكهم بالساسانيين وبسكان المناطق الواقعة تحت نفوذهم والتي بدأت بعد الغزو الساساني لبلاد السند (أهم مناطق الزط) في سنة 500 قبل الميلاد حين الحق الساسانيون بعض الزط في جيشهم. واستوطن آخرون منهم في مناطق الاحواز واهوار العراق. لقد شهدت عصور ما قبل الإسلام وبعده، عددًا من حالات هجرة وتهجير طائفة الزط إلى المشرق العربي وبلاد الساسانيين، ويبدوا ان هذه الظاهرة كانت مرتبطة بطبيعة الظروف الداخلية للهند فضلًا عن الأحداث الخارجية التي تعرضت لها مناطق الزط فقد كانوا يعانون من مشاكل إقتصادية وإجتماعية في الهند، ولم تكن علاقتهم حسنة مع النظام السياسي الآري، الذي استند على أسس عرقية وطبقية، وربما كان لتلك الاوضاع صلة بهجرة الزط الطوعية قبل الإسلام إلى سواحل الجزيرة العربية بين مجان (عمان) والابله التي ارتبط سكانها العرب بصلات وثيقة ومستمرة مع الهنود، الأمر الذي أتاح للزط فرصة الإحتكاك والتعايش المباشر مع العرب”.
طفلة غجرية في العراق تتعلم اللغة العربية بعد سنوات من حرمانهم التعلم